هل تنجح مساحة عمل 'جلاس كيوب' الجديدة في دعم اقتصاد أبو ظبي؟
في حين أنّ العالم يشهد مصاعب أكبر من تأسيس شركتك الخاصة في الإمارات، من العادل أنّ نقول إنّ ذلك النضال ليس سهلاً ودونه تحدّيات جمّة.
يهتمّ رائدا الأعمال فهد الاحبابي وبرنارد لي بمساعدة روّاد الأعمال في أبو ظبي على تخطّي هذه التحدّيات، وقد أسسا لهذه الغاية "رونين جروب" Ronyn Group، وهي شراكة خاصّة تركّز على قطاع العقارات والبنى التحتيّة في أبو ظبي.
كذلك، سبق لهما أن أسّسا أحدث مساحة عمل مشتركة في المدينة باسم "جلاس كيوب" Glassqube.
عندما التقت "ومضة" بهذين المؤسسين، كانا بأناقة نموذج عملهما؛ الاحبابي شاب إماراتي أنيق يرتدي ثوباً أبيضاً نظيفاً، ولي ليس غريباً عن التقاليد والثقافة العربية رغم أنّ شخصيّته توحي بتربية أجنبيّة.
في عام 2012، وبعد عدّة أعوام من العمل مع "دويتشه بنك" Deutsche Bank، قبل لي بوظيفةٍ في المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي حيث التقى بالاحبابي. واليوم، لا يزال الأخير موظّفاً في هذا المجلس فيما أصبح كلٌّ منهما زوجاً ووالداً.
وفي حين يخبرنا رائدا الأعمال عن مسيرتَيهما كربيّ عائلة ورائدَي أعمال يعملان ضمن الحدّ من النفقات والاستفادة القصوى من الموارد، يلفت الأحبابي إلى أنّ "تجربة ‘جلاس كيوب‘ كانت تجربةً صعبة."
وذلك لأنّ "جَمع الناس لإنجاز العمل كان أمراً صعباً، ولكن لحسن الحظّ حظيت بمساعدة برنارد. أعتقد أننا نشكّل فريقاً جيّداً وأننا نكمّل بعضنا بعضاً."
بدوره، يقول لي مازحاً "إنّه يؤدّي دور الرجل اللطيف وأنا أؤدّي دور الرجل القاسي، فهو يُظهر عن هدوء خارجيّ أكثر منّي."
رغم مظهر مساحة العمل المشتركة الأنيق، فإنّ الأموال التي استُثمرت فيها قد جنيت بالحدّ من النفقات والاستفادة القصوى من الموارد.
وبالفعل، هذه المساحة "ممولة ذاتيّاً بالكامل"، بحسب لي الذي يوحي بأنّهم صدّوا عروضاً من عدّة أطراف مهتمّة بتقديم التمويل، من دون ذكر أسمائها، في خطوةٍ تدلّ على أنّ هذا الثنائي يسعى جاهداً إلى الذهاب أبعدَ قدرٍ ممكن قبل الإتيان بتمويل إضافي.
الهدف: مساحة تجذب الجميع
تتمثل مهمتنا في "تأمين الحلقة الناقصة من البيئة الريادية، وهي مساحة عمل مشتركة تعاونية وملهمة وفي متناول الجميع."
تشير تحليلات السوق التي أقامها لي والاحبابي إلى أنّ البيئة الريادية في أبو ظبي تحديداً تفرض أكثر من 120 ألف درهم إماراتي (33 ألف دولار) كمتوسّطٍ لتأسيس شركة ناشئة، و500 ألف درهم (136 ألف دولار) كتكاليف تشغيل لمدّة خمسة أعوام. وذلك كلّه مقابل الأمور الأساسية مثل المكتب والمتوجبات القانونية التي ترافق تأسيس شركة.
في غضون ذلك، التكلفة التي ترافق تأسيس الشركة، بالإضافة إلى الفصل في المجالات التي يعمل فيها روّاد الأعمال، هي من الأمور التي تقف عائقاً أمام نموّ الاقتصاد المحلّي والإقليمي المطلق. كما أنّ هذا التوجّه لا يتناسب مع الانخفاض الأخير في أسعار النفط الذي دفع الحكومات الإقليمية للبحث عن أيّة فرصة لتنويع اقتصادها.
مساحة لا تفرّق بين هذا أو ذاك
مساحات العمل المشتركة ومراكز الأعمال ليست بأمر جديد في الإمارات. وفضلاً عن خدمات مراكز الأعمال التقليديّة، يشرح لي أنّ "جلاس كيوب" تقدّم أكثر بكثير مما يقدّمه منافسوها؛ وذلك من دون ذكر الأسعار الأفضل والموقع الأنيق في جزيرة الريم.
"لقد جلسنا في مراكز أعمال أخرى من قبل، غير أنّ المجتمع هنا مختلفٌ تماماً عن المجتمع في المراكز الأخرى، وأعتقد أنّ هذا ما يميّزنا ويجعلنا نحدث أثراً،" حسبما يشرح لي لـ"ومضة".
وفي محاولة لاختبار الطلب في السوق وبناء مجتمعهما الخاص في أسرع وقت ممكن، نظّم لي والاحبابي مجموعة لقاءات باسم "أبو ظبي فريلانسرز أند أنتروبرنورز" Abu Dhabi Freelancers and Entrepreneurs. وقد استقبلا متحدّثين كثر تناولوا مواضيع مختلفة في مجتمع ريادة الأعمال، وحضر اللقاء حوالي 150 شخصاً.
التباهي
على خطّ موازٍ لمجموعة اللقاء التي أقاماها منذ بضعة أشهر، بدأ مجتمع "جلاس كيوب" بالنمو، وشهد انضمام سلسة من روّاد الأعمال والشركات إليه.
و"أوبر" Uber هي واحدة من هذه الشركات.
يعكس مدير استراتيجيّة "أوبر" للشرق الأوسط وأفريقيا، كريس فري، إيديولوجيّة الأحبابي ولي في الدور الذي يمكن أن تؤدّيه شركات مثل شركته في بيئة ريادية متنوّعة ونامية.
ويشير إلى أنّ "دورنا في البيئة الريادية يقوم على المساعدة في نقل المعرفة التي لدينا لكي نضمن أن تحقق هذه الشركات الناشئة بعض النجاح."
كما يأمل أن يساعدهم ذلك في قياس نوع المواهب المتوفّرة الآن في العالم الريادي.
وهل تكون مساحة عمل مشتركة من دون مخزون دائم من القهوة؟ في هذا السياق، انضمت "أي لوف كوفي" I Luv Coffee إلى المساحة كعضو ومزوّد حصري للقهوة في المساحة.
ينتظر المؤسس والرئيس التنفيذي لهذه الشركة، جايك توتنجي، بفارغ الصبر إطلاق شركته في الإمارات والانتقال إلى "جلاس كيوب"، موضحاً "أنّنا لا نزال حديثين نسبيّاً في السوق المحليّة ونحن نبني شركتنا من الأسفل إلى الأعلى، وبالتالي من المنطقّي أنّ نتعاون مع ‘جلاس كيوب‘."
من أجل بناء الاقتصاد
تساهم رؤية لي والاحبابي في نجاح اقتصاد أبو ظبي.
"عندما انخفضت أسعار النفط، بات واضحاً أنّ هذا البلد وكلّ البلدان التي تعتمد على النفط لا يمكنها الاكتفاء بسلعة واحدة،" بحسب لي الذي يُضيف أنّه "إذا تحدَّثتَ مع روّاد الأعمال في الإمارات وفي أبو ظبي خاصةً، ترى أنّ المشكلة المشتركة التي يذكرونها تكمن في الأطر القانونيّة المرهقة والتكاليف الباهظة لتأسيس شركة."
يلفت الاحبابي إلى أنّهم يحاولون تقديم أبو ظبي بشكل يجذب الأشخاص، حتّى الأجانب، للانضمام إلى هذه المساحة.
لا شكّ في أنّ هذين الرجلين يتمتّعان بحبّ كبير للإمارات حيث يسكنان. وبالرغم من أنّ لي ليس إماراتيّاً، غير أنّه يعرف أنّ هذه البلاد قد قدّمت له أكثر مما يتمنّاه من سعي إلى تحقيق هدف أسمى وشريك يرافقه في مسيرته.
"فهد هو من أعزّ أصدقائي وهذا بلده الأمّ. أبو ظبي استضافتني بشكل رائع ويؤلمني أن أرى الفرص الضائعة التي كانت لتسمح للبلاد أن تكون في مكانة أفضل إقليميّاً وعالميّاً. وعلى الرغم من أنّ ذلك يبدو ساذجاً، إلا أنّنا نؤمن بأنّ ‘جلاس كيوب‘ يمكنها تدريجيّاً أن تؤدّي دوراً صغيراً في مساعدة الاقتصاد على التنافس ووضع نفسه في مكانة أقوى."