شركة ناشئة في طرابلس تربط التجّار المحليين بمنصّات البيع الإلكترونية
بعد أن كانت مدينة طرابلس الساحلية الواقعة شمال لبنان مركزًا للتجارة في المنطقة، أصبح اسمها مقترنًا بمشاهد الاضطراب السياسي، خصوصاً وأنّها عانت من ويلات التفجيرات، والاحتجاجات، والصراعات الأهلية. والفقر. فوفقاً لدراسة أجرتها الأمم المتحدة، يعاني أكثر من 50% من العائلات في طرابلس من الفقر، بينما يعيش ربعهم في فقر مدقع.
في حزيران/يونيو 2016، رأى اثنان من السكّان المحليين أصحاب النظرة التفاؤلية في المحنةِ منحةً، حيث أطلق كلٌّ من حسن طبّال وربيع بركة منصّة إلكترونية للبيع بالتجزئة في طرابلس أطلقا عليها اسم "لحّق حالك" Hurry Up، على أمل استخدامها من قبل التجّار المحليين في الترويج لمنتجاتهم ومن ثمّ تحسين أوضاعهم الاقتصادية.
يقول طبّال، الشريك المؤسس لشركة "نافي بِتس" NavyBits التي صمّمت تطبيق "لحق حالك"، إنّ "تطبيقنا يتيح للمستخدمين رفع صور ومنشورات متعددة لمنتجاتهم، ومتابعة أعداد الزوار الذين يتابعون منشوراتهم، فضلًا عن الاطلاع على منشورات المنافسين."
ويضيف أنّ "هذه كانت خطوة بالغة الأهمية، لأنّني أعلم أنّ طرابلس ليست المدينة التي تتبادر إلى الأذهان عند الحديث عن منصّة تجارية إلكترونية."
وبالحديث عم مزايا تطبيق "لحق حالك"، فإنّ التطبيق يقوم باستخدام منصة المحادثة الروبوتية chat bot الخاصة بتطبيق "فايسبوك ماسنجر" لمساعدة العملاء في لتقديم خدمات آلية وتعليمات إرشاد تفاعلية باللغة العربية.
مزيدٌ من الزخم
سجّل التطبيق أكثر من ألفي تنزيل منذ إطلاقه، جميعها من سكان مدينة طرابلس، بحسب طبّال الذي عقد مع شريكه المؤسس بركة شراكاتٍ مع 50 متجرًا ومطعمًا. والآن، يقوم معظم أصحاب هذه المتاجر والمطاعم، ممن لا يملكون المعرفة التقنية الكافية، برفع صور منتجاتهم مرفقةً بما هو متاح من عروض عبر التطبيق.
ويقول طبّال في هذا الشأن: "لا شك في أنّ إقناع فئة من الأشخاص ممن يفتقرون إلى المعرفة الإعلامية باستخدام التطبيق يمثّل تحديًا كبيرًا. فالكثيرون من أصحاب المتاجر يتمسكون بطرق التفكير التقليدية ولا يرون أي فائدة تُرجى من الاستثمار في وسائل التواصل الاجتماعي."
من أجل ضمّ هذه الفئة، كان لا بد من تثقيفهم حول كيفية استخدام التطبيق وتسويق منتجاتهم عبر موقع "فايسبوك"، بالإضافة إلى تقديم النصائح والمشورة حول استراتيجيات الإعلام الاجتماعي. "هكذا نوفّر فرص العمل في طرابلس، ونتوقّع أن يصل عدد مستخدمي التطبيق إلى 5 آلاف مستخدم مع نهاية العام،" يقول طبال.
استثمر الشريكان المؤسسان، طبّال وبركة، نحو 27 ألف دولار أمريكي حتى الآن في تطوير التطبيق وتوظيف فريق العمل، وكلاهما يتمنّى الحصول على استثمار ما قريبًا. ففي الوقت الحالي، يولّد تطبيق "لحق حالك" إيرادات من خلال اشتراكات المستخدمين التي تبلغ 60 دولارًا أمريكيًا لكل مستخدم شهريًا، غير أن غالبية عملائه إلى الآن يستخدمون التطبيق بالمجان. كما يتيح للمستخدمين عددًا غير محدود من المنشورات، ويمكن الوصول إليها جميعًا عبر موقع "فايسبوك".
مساعدة المهمّشين
عندما استقال طبّال من عمله في شركة الاتصالات السعودية "موبايلي" Mobily، وقرّر التوجّه إلى ريادة الأعمال، كان يدرك أنّه يرغب في ردّ الجميل إلى مجتمعه في طرابلس.
في بداية الأمر، أطلق طبّال وبركة منصّة لـ"الأخبار السارّة"، حيث كان المستخدمون يتبادلون المحتوى الذي يعزّز الروح الإيجابية، ولكن سرعان ما أخفقت هذه المنصة بسبب عدم وجود نموذج ربحيّ أو مادة أصلية. لم تستمرّ المنصّة لأكثر من ثلاثة أشهر، وبعدها تم تطوير "لحق حالك" مع الأفكار الرئيسية نفسها، ولكن مع خدماتٍ مختلفة ونموذج أعمال مختلف.
منذ أيلول/سبتمبر 2015، يتخّذ طبّال وبركة من حاضنة الأعمال "بيات" BIAT في طرابلس مقرًّا لهما. ويذكر طبال أنّ "خطّتنا تتمحور حول التركيز على المجتمعات المهمشة والأكثر فقرًا، لكننا لا نستبعد فكرة العمل على نطاق أوسع في المستقبل. فنحن حاليًا نتوسع في مناطق أخرى في لبنان مثل زحلة وكسروان، وبعدها سننتقل إلى (جنوب لبنان) ومناطق أخرى."
ويشير إلى أنه بالنسبة للجهات المنافسة، فإنّ شركات الإعلان التي تحاول السير على خطاهم تشكّل خطرًا عليهم لكنّ انخفاض الرسوم لدى "لحق حالك" يبقى ميزةً تنافسية لديهم.
"نحن نبحث عن تمويل بمبلغ 100 ألف دولار أمريكي لاستكمال توسعاتنا في لبنان والسعودية، لكننا قد نقبل بمبلغ أقل من هذا لأننا نحتاج إلى المال الآن للمساعدة على استمرار المشروع"، يختم طبال.
[الصورة الرئيسية من "ويكيميديا" Wikimedia]