سايجين يالتشين: من مقاعد الدراسة إلى عالم مشاهير الأعمال
سايجين يالتشين، مؤسس منصّة بيع السيارات المستعملة "بيع أيّ سيارة" Sellanycar، ليس رجل أعمالٍ خجولٍ. ففي صفحته على "يوتيوب" التي تحظى بأكثر من 140 ألف متابعٍ، يقدّم نصائح للشركات الناشئة ووثائق عن حياته الباهرة تشمل احتفالات مع عائلة كارداشيان وأوقات لعب الـ"بلاي ستيشن" مع نجوم الـ"ريذم أند بلوز" RnB.
وصل يالتشين إلى دبي منذ 5 سنوات فسمّى نفسه رائد أعمال مخضرم في البيئة الريادية في المنطقة. وفي وصفه لمسيرته الريادية، يقول لـ"ومضة" إنّه انتقل "من طالبٍ شابٍ يحمل حقيبة ظهر وحلماً ما إلى شخصٍ يفكّر بتقديم شيءٍ للمجتمع".
السعي لرفع تقييم الشركة إلى مليار دولار أميركي
لا شكّ في أنّ يالتشين رجل أعمال متمرّس، فقد أسس أوّل نادي تسوّق خاص على الإنترنت باسم "سكر.كوم" Sukar.com في عام 2009، وباعه إلى "سوق.كوم" Souq.com بعد ثلاث سنوات. من ثمّ أصبح شريكاً في "مجموعة جبار للإنترنت" Jabbar Internet Group و"سوق.كوم" Souq.com في عام 2012، ثمّ أسس "بيع أيّ سيارة" في السنة التي تليها.
ومع ثلاث سنوات من التسويق المرافق لانطلاقة شركته وتوسّعها، باتت "بيع أيّ سيارة" أوّل وأكبر خدمة لشراء السيارات في الإمارات تضمن إجراء الصفقات في غضون 30 دقيقة فقط – ما أثار جدلاً كبيراً بخاصة مع العملاء المستائين.
سرّعت شركة يالتشين نموّها في أواخر عام 2015 عندما أعلنت عن توسّعها إلى السوق الألمانية في خطوةٍ جاءت بعد جمعها لـ10 ملايين دولار في 6 أشهر فقط. من بعدها، بدأ يالتشين يسعى لتحويل شركته إلى شركة تقدّر بمليار دولار ("يونيكورن" unicorn) من خلال محاولة جمع 100 مليون دولار بهدف تمويل انتشارها في كامل القارة الأوروبيّة.
أمّا اليوم، فهو يسعى إلى تنويع باقة الخدمات التي توفّرها الشركة وضمّ نماذج عمل مكمّلة لعملها. ويذكر في هذا الإطار أنّ "خطوتنا التالية ستقوم على التوسّع إلى أبعد من نموذج الشراء فقط، وتقديم نماذج تسهيل العلاقات المباشرة بين العملاء C2C".
أبطال عالم الشركات الناشئة
يشعر يالتشين أنّه فعل وتعلّم ما يكفي خلال مسيرته الريادية كي يبدأ بردّ الجميل لمجتمع الشركات الناشئة.
لذلك يقدّم المؤسس الناجح هذا حصصاً دراسيّة عن ريادة الأعمال والتجارة الإلكترونية في الكثير من الجامعات في كلّ أنحاء الإمارات. كما أطلق مؤخّرا منصّة "ستارتب هيرو" Startup Hero التي تعمل كقناةٍ تربط روّاد الأعمال الطموحين بالمرشدين والمستثمرين عبر الإنترنت.
تنبع مبادرة "ستارتب هيرو" من فهمٍ عميق للفجوة ما بين روّاد الأعمال الذين يعانون من أجل الحصول على التمويل والإرشاد والبروز من جهة، والمستثمرين الذين يبحثون عن الصفقات المناسبة ذات الجودة العالية من جهة أخرى.
ولكن بشكلٍ عام، ترتبط هذه المبادرة بالاقتصاد الكلّي. فإذا "أردت أن تحلّ مشكلة البطالة في المنطقة وتبني حاضرة مثل دبي أو مثلما تطمح الإمارات لأن تصبح عليه، عليك أن تركّز على ريادة الأعمال وليس الموارد الطبيعية" حسبما يشرح يالتشين.
تلقّت "ستارتب هيرو" أكثر من 10 آلاف طلبٍ، وقد صنّفها يالتشين ضمن أربع فئات: النماذج التقليديّة بالكامل والتي ليسَت مؤهّلة للاستثمار المخاطر؛ الأفكار الطموحة للغاية لدرجة أنّها تفشل من حيث إثبات صحّة مفهومها ونجاحه؛ الالتزامات المتوسّطة لتحويل أفكارٍ إلى حقيقةٍ؛ وأخيراً، الأفكار الموجودة سابقاً والتي تنتمي إلى لاعبين كبار وتحتاج إلى أموال طائلة.
يشرح يالتشين أنّ "أكبر مثال على ذلك قد يكون ’فايسبوك العرب‘ Arab Facebook – أي إضافة ميّزة أو فئة للبحث على فايسبوك"، مشيراً إلى أنّ توجّه "أوبر فور أكس" Uber for X ليس أبداً ثوريّاً ولا خلاقاً.
إذاً أين يخطأ روّاد الأعمال الإقليميون؟ يقول يالتشين إنّ الأمر يرتبط غالباً بعدم قدرتهم على إجراء أبحاثٍ عن السوق وتقييماتٍ ناجحةٍ لأفكارهم، كما يؤيّد المستثمرين الإقليمين الذين غالباً ما يُنتقدون لتجنّبهم المخاطرة.
بالإضافة إلى العدد القليل لصفقات التخارج (البيع أو الاستحواذ) التي سمحت للمستثمرين بتصفية الأرباح، يجدر الذكر أنّ أموال المستثمرين الإقليميين أصبحت تنافس على المستوى العالمي أيضاً. بمعنى آخر، باتت الشركات الناشئة الإقليمية تنافس ليس فقط نظيرتها في المنطقة، بل شركات في وادي السيليكون وأوروبا أيضاً. كذلك، بات المستثمرون يعتمدون مقاربات مختلفة لاحتساب المخاطر، أي أنّ مستثمراً من الولايات المتّحدة مثلاً سوف ينظر أكثر إلى مخاطر السوق والفريق.
ويقول يالتشين هنا إنّه "بشكل عام، يحظى روّاد الأعمال الذين تعلّموا في البلدان الغربية بحظوظٍ أكبر في التمويل، فالمستثمرون على المستوى العالمي يثقون بهم أكثر من حيث التعليم، وهذا يقلّص مخاطر الفريق لديهم".
من الأخطاء نتعلّم
بالعودة إلى أخطائه الخاصة وما تعلّمه منها، يقدّم يالتشين نصيحة أساسيّة للشركات الناشئة وهي: نعم لزيادة المبيعات أو الإيرادات الإجمالية top line ولكن ليس على حساب اقتصاديات الوحدة unit economics.
إجمالي العائدات هو الأقلّ أهميّة من بين العوامل الثلاثة الأساسية التي تضعها الشركات الناشئة في مراحل مبكرة ضمن أولوياتها، بحسب يالتشين. "والعامل الثاني، وهو اقتصاديات الوحدة، لا يجب أبداً تجاهله وهو ما عليك إثبات نجاحه في الأشهر الثلاثة الأولى".
"أمّا العامل الثالث الذي يحاول روّاد الأعمال المدعومين من شركات الاستثمار المخاطر تأخيره قدر الإمكان، فهو يقوم على الربحيّة،" كما يؤكّد يالتشين، منوّهاً بأنّ هذا القرار استراتيجي ويجب على روّاد الأعمال التفكير مليّاً حياله إذا ما أرادوا تخفيف اعتمادهم على التمويل المخاطر.
"في نهاية المطاف، يكمن السبب الرئيسي لفشل الشركات الناشئة في نفاد الأموال. فحينها، تصبح الشركة يائسة حيال جمع تمويلٍ فتقوم بذلك في ظروفٍ وشروطٍ غير مؤاتية لها". لذلك ينصح بالتشين بأنّه "لبرهنة نجاح شركتك، يجب إظهار أنّها قادرة على جني الأرباح".