سوق إلكترونية لغسيل الملابس هو ما يحتاجه قطاع المصابغ في الإمارات؟
"يا لحظي السعيد"، كلمات تتوسّط إعلاناً يعود إلى العام 1959 تظهر فيه إمرأة تقف أمام غسالة.
وبالفعل كان حظ تلك المرأة سعيداً، فهي بعد ذلك اليوم، لن تضيّع وقتها على الغسيل اليدوي. ولكن المُفارقة أن هذه الغسالة ذاتها التي بوركت في خمسينيات القرن الماضي، تُلعن اليوم للسبب ذاته: الوقت.
فصحيح أن الناس ما زالوا بحاجة إلى غسل ملابسهم، إلاّ أن عدداً كبيراً منهم لم يعد لديهم الصبر ولا الوقت لفعل ذلك بأنفسهم. وهنا تأتي خدمة غسيل الملابس عبر الإنترنت كحل مثالي لهؤلاء الأشخاص.
ثلاث طرق لغسل الملابس
تنقسم خدمات غسل الملابس في الإمارات التي تعتمد على التطبيقات والطلب عبر الإنترنت، إلى ثلاثة نماذج رئيسية. النموذج الأول هو خدمة شاملة تؤدي فيها الشركة الدور التقني واللوجستي في آن واحد، فتعمل على إنشاء التطبيق، وتوفير خدمة التوصيل، إضافة إلى غسل الملابس.
ومثال على ذلك شركة "لوندري بوكس" Laundry Box التي تأسست في نهاية العام 2015 ومن ثم ضمّت خدمة توصيل الطرود وتصليح الأجهزة إلى خدماتها تحت مظلة جديدة تحت اسم "ماي بوكس" My Box.
أمّا الشركات التي تندرج تحت النموذج الثاني فتقتصر وظيفتها على إنشاء التطبيق وتوفير خدمة التوصيل حسب الطلب، تاركة غسل الملابس إلى الشركاء من أصحاب الاختصاص. ومن ضمن هذه الشركات "ووش من" Washmen.com و"ووش بلاس" Washplus.ae.
وأخيراً يُقدّم النموذج الثالث سوقاً إلكترونيّة يختار المستخدم من خلالها المصبغة التي يوّد إرسال ملابسه إليها. وبذلك لا يتعدّى دور الشركة في هذه الحالة الجانب التقني. أمّا المصابغ المُتواجدة على التطبيق فتقوم بإدارة التوصيل والغسيل. ومن الشركات التي تعتمد هذا النموذج "جيت لوندري" Getlaundry.
أيّهما أفضل: خدمة التوصيل حسب الطلب أم السوق الإلكترونيّة؟
في البداية، اتبّعت "جيت لوندري" عند تأسيسها العام 2015 نموذج الغسيل حسب الطلب ولكن بعد عام ونصف قرّر مؤسسوها تغيير الخدمة إلى سوق إلكترونية، وذلك بسبب الخلل الذي وجدوه في الخدمة الأوليّة.
وفي إشارة إلى تأثير خدمة الغسيل حسب الطلب على إدارة الأعمال، يوضح باول إيوانو، الشريك المؤسس لـ"جيت لوندري" في مقابلة مع "ومضة" أنّه "في العام 2015، أصبح نموذج 'أوبر' قدوة للكثيرين ممّن حاولوا إدراجه في قطاعات عدّة".
والمشكلة في ذلك، يتابع ايوانو، هي أنّ الخدمات حسب الطلب ليس لديها فرصة للتوّسّع حيث أنّ عدد المصابغ التي يُمكن التعامل معها محدود نظراً إلى الموارد المحدودة أيضاً بما في ذلك الموظفين وآليات التوصيل.
أمّا السيئة الأخرى لتطبيقات الغسيل حسب الطلب فهي عدم إتاحتها الفرصة للمُستخدم لاختيار المصبغة التي يريد أن يُرسل ملابسه إليها، إذ إن الشركة تقوم بذلك نيابة عنه.
غير أن حليم بومدني، مؤسس شركة "ووش بلاس" يعتقد أنّ الاختيار في قطاع المصابغ ليس مُهمّاً للمُستخدمين. ويوضح قائلاً: "أتفهّم نجاح الأسواق الإلكترونية المُتخصّصة بالطعام إذ إنّها توّفر تجربة ممُتعة للمُستخدم، أمّا غسيل الملابس، فليس فيه شيء ممتع".
ويعترف بومدني أنّ إدارة السوق الإلكترونية تحرر الشركة من مسؤوليّة المُتابعة مع المُستخدم بحيث توكل ذلك إلى المصابغ إلّا أنّه يعتقد في الوقت نفسه أنّ تشعب خدمة التوصيل بهذه الطريقة يجعل التحكّم بالجودة أمراً صعباً للغاية.
برنامج سحابي لقطاع المصابغ
تشكّل السوق الإلكترونية جانباً واحداً فقط من مُنتجات "جيت لوندري". أمّا مُنتجها الأحدث والأكثر إثارة فهو برنامج مُخصص لتنظيم إدارة عمل المصابغ. من ضمن الأمثلة العالمية على هذا النوع من المنتجات "لينين تيك" Linentech.net.
اتضح لإيوانو أنّ استخدام المصابغ لخدمات التوصيل حسب الطلب يعود إلى حاجتها إلى استقطاب مُستخدمين جُدد ورفع عبء التوصيل عن كاهلها. ولكن ماذا لو بدلاً من الاستعانة بوسائط خارجية، اعتمدت المصابغ برنامجاً إدارياً يُسهّل عملية التوصيل الذاتي؟ ألن تُفضل بعض المصابغ هذا الخيار؟
دفعت هذه الفكرة إيوانو وشريكه إلى تصميم برنامج سحابي يلّبي احتياجات المصابغ بما في ذلك تنظيم عمليّات الدفع، والجرد، وإدارة الحسابات، والتوصيل، ولوجستيات أخرى.
وأوضح إيوانو أنّ "معظم المصابغ التي نتعامل معها لم توّفر خدمة توصيل عبر الإنترنت قبل انضمامها إلى 'جيت لوندري'، وكانت تستخدم أنظمة إدارية تقليدية".
تعمل الشركة الآن مع 100 مصبغة وأكثر من 8 آلاف مُستخدم في الإمارات، وقد توسعت الشركة مؤخرّاً إلى شرق آسيا (الفلبين وماليزيا واندونيسيا وتايلاند) حيث استقطبت 90 مصبغة وألف مُستخدم.
ومن المُتوّقع أن ترتفع أرباح قطاع المصابغ في الإمارات بسبب "إكسبو 2020" حيث ستشهد دبي ارتفاعاً كبيراً في حجوزات غرف الفنادق ليطال 160 ألف غرفة.
ولكن قد لا يعود التحسّن في القطاع بالنفع على الشركات الناشئة التي تعتمد مُعظمها على الأفراد. ويوضح إيوانو أنّه من العسير الوصول إلى المستهلكين الكبار مثل الفنادق والبنوك، ولكنّ يُعد نموذج B2B من أهداف 'جيت لوندري' الذي ستبدأ بتطبيقه بالتعامل مع مستهلكين متوسطي الحجم كالنوادي الرياضية ومراكز العناية بالجسم.