الحكومة الإلكترونية في البحرين مستعدة للانتقال بالكامل إلى تقنية السحابة
لا يقتصر تأثير التكنولوجيا على أداء القطاعات الاقتصادية وأنشطتها، بل تؤثر أيضاً على الطريقة التي يتفاعل بها الأشخاص ويتواصلون معاً. وتستغل الحكومات بشكل فعال هذا التقدم التكنولوجي عبر منصات موحدة تقدم خدمات عامة يشار إليها باسم بوابات الحكومة الإلكترونية.
اتخذت البحرين خطوات كبيرة في هذا الصدد. فقد احتلت الدولة المرتبة 24 في مسح الحكومة الإلكترونية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2016 UN E-Government Survey 2016، وتمكنت من الحصول على المركز الأول إقليمياً، وهو المركز الذي نجحت في الاحتفاظ به لأربع مرات متعاقبة منذ عام 2010. جاءت الإمارات العربية المتحدة بعد البحرين لتحصد المركز (29) والكويت بالمركز (40) والمملكة العربية السعودية بالمركز (44) وقطر بالمركز(48) وعُمان بالمركز(66).
في سبتمبر 2017، قامت هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية في مملكة البحرين (iGA) بتنفيذ سياسة "السحابة أولاً Cloud First" التي أتاحت نقل أنظمة الهيئة إلى تقنية السحابة، مما جعل البحرين واحدة من البلدان القلائل في المنطقة التي يتخذ فيها القطاع العام مثل هذه المبادرة. وفي يناير 2018، بعد أربعة أشهر فقط، أعلنت هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية أنها حققت 91٪ من أهداف استراتيجية الحكومة الإلكترونية الوطنية لعام 2017، وأنجزت معظم مؤشرات الأداء الرئيسة الخاصة بها، ووصلت إلى أكثر من مليون معاملة تمت عبر جميع القنوات.
خلال منتدى بوابة الخليج للاستثمار Gateway Gulf Investor Forum، أتيحت لومضة فرصة مقابلة سعادة محمد علي القائد، الرئيس التنفيذي لهيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، لاستكشاف المزيد عما تم تحقيقه حتى الآن فيما يتعلق بأنظمة الحكومة الإلكترونية - ما التحديات والمشاريع المستقبلية؟ ولا سيما مع وصول "خدمات أمازون ويب Amazon Web Services" إلى البلاد في الربع الأول من عام 2019.
١- متى انطلقت الحكومة الإلكترونية في البحرين؟ وماذا حققت حتى الآن؟
لفترة طويلة، كانت البحرين رائدة عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا وشبكات الملكيات وأول شبكة بيانات على مستوى الحكومة. وهي واحدة من أولى الدول التي أنشأت فيها الحكومة شبكة موحدة يجب على الجميع الاتصال بها. لكن عندما بدأت العديد من البلدان تقديم الخدمات للمواطنين، ما كان ينقصنا بين عامي 2001 و2005 هو أن كل وزارة تقدم خدماتها بطريقة مختلفة. لم يكن لدينا بوابة مناسبة لتفعيل التكامل والتنفيذ. عندما أُنشئ المجلس الأعلى لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عام 2005، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، نائب رئيس الوزراء، كان أول ما دار في ذهننا هو وضع استراتيجية [للحكومة الإلكترونية] والتي تم الإعلان عنها في مايو 2007. ثم أُنشئت هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية في أغسطس 2007. كان هدف استراتيجيتنا الأول هو تقديم جميع الخدمات الحكومية من خلال أربع قنوات إلكترونية: البوابة، والهواتف النقالة، ومراكز الاتصالات، وأكشاك الخدمة، وذلك لتزويد العملاء بحرية اختيار القناة التي يفضلونها، مع التأكد من توحيد الخدمة. الأمر المحمود في هذه الاستراتيجية هو أننا حصلنا على دعم القيادة من البداية؛ فقد حصلنا على الميزانية والهيكلية، مما منحنا المرونة للتحرك في الاتجاه الصحيح. كان الهدف من الاستراتيجية هو طرحها بحلول عام 2007، وقد أنجزنا جميع أهدافنا بنجاح: فكانت هناك 200 خدمة مقدمة في مكان واحد، وتم إنشاء القنوات الأربع. كما أجرينا أيضاً دراسة شاملة كشفت عن أن 80٪ من المستخدمين كانوا راضين عن استخدام هذه البوابات الإلكترونية الحكومية. أحد الأهداف كان أن تصبح البحرين الأولى في العالم العربي على صعيد الحكومة الإلكترونية وفقاً لمؤشر الأمم المتحدة، وقد حققنا هذا الإنجاز في عام 2010؛ ومنذ ذلك الحين، حافظنا على هذا المركز في التقارير الأربعة المتعاقبة.
٢- البيروقراطية هي العبء الأول الذي يثقل كاهل الإبداع، لذا كيف كانت مدى أهمية التغلب عليها؟
حتى لو كنت تقدم التكنولوجيا والحكومة الإلكترونية، فإن الناس سيحاولون التنقل لأداء أغراضهم. استعرضنا أمثلة من بلدان أخرى أنشأت الحكومات الإلكترونية، وعلى الرغم من أن لديهم بوابة واحدة فقد كان عليها المئات من الخدمات المرتبطة [بمعنى أنهم يعيدون توجيهك إلى موقع إلكتروني آخر للوصول إلى الرابط الذي تبحث عنه] ولكنها ليست متكاملة. فكان هدفنا من اليوم الأول هو تنفيذ البوابة كما ينبغي من البداية وفقاً لتعليمات صاحب السمو الملكي، حيث أننا لا نملك رفاهية إعادة تصميمها. فليس لدينا الوقت، كما ليس لدينا المال أيضاً. عندما قمنا بتسليم ثمرة عملنا وجهدنا، كانت التعليمات واضحة بأن تكون جميع الخدمات الحكومية على البوابة وأن تتكامل تماماً مع الخدمات الأخرى. [تمت إعادة تصميم العديد من الخدمات بهدف تحسينها] وقد مرت بعض الخدمات بثلاث موجات من إعادة التصميم. يختار سنوياً صاحب السمو الملكي 25 إلى 30 خدمة ليتم إعادة تصميمها بشكل صحيح من أجل تحسين استخدامها وبلوغ ما يصل إلى 100 بالمئة من رضا المستخدمين. حتى أننا حاولنا تغيير القوانين واللوائح بحيث تتوافق مع هذه الخدمات المقدمة. تقدم بواباتنا حتى الآن 200 خدمة [تتراوح من الخدمات الأساسية مثل الحصول على شهادات الميلاد حتى الخدمات الأكثر تعقيداً مثل ترخيص الأعمال التجارية]. تصدر شهادات الميلاد في غضون ثلاثة أيام فقط ويتم تسليمها إلى منزل المواطن في حين أن طلب هذه الأوراق بالطرق التقليدية يتطلب ما لا يقل عن 14 يوماً حتى يتم الحصول عليها. العملية برمتها أوفر تكلفةً بكثير، لكن علينا القضاء على الغرور والسلطة المرتبطين ببعض المناصب الرسمية. [ما زالت بعض الوزارات، للحفاظ على سلطتها ونفوذها، تحاول تجاوز النظام وإبعاد العملاء عنه. لكن في نهاية المطاف كان عليهم الالتزام بالقواعد بعد معاقبة مخالفيها.] في الواقع، الأمر لا يتعلق فقط بتخفيض النفقات، بل بالشفافية والكفاءة، إلى جانب ثقة مستثمري القطاع الخاص. لقد التقيت بالعديد من المستثمرين الذين قالوا إنهم حاولوا فتح مشروع تجاري ولكنهم كانوا مطالبين بالحصول على عنوان مادي، لكنهم كانوا غير قادرين على الحصول عليه لأنه ليس لديهم حساب مصرفي؛ وللحصول على حساب مصرفي، يجب أن يكون لديهم سجل تجاري ... إنها دائرة مفرغة لا يمكنك الخروج منها. الآن، تم تغيير العديد من اللوائح من أجل تبسيط هذه الخطوات. نحن نراجع الآن دورة تحسين الخدمة. وقد تم بالفعل الانتهاء من الدورة الأولى، والثانية قادمة قريباً، والثالثة مخطط لها في العام المقبل.
٣- ما العقبات التي واجهتها، إن لم يكن الاستخدام؟
كانت دقة البيانات المتاحة تحدياً رئيسياً. [تعتمد كفاءة النظام الآلي على المعلومات المتاحة، وإذا لم تكن المعلومات دقيقة فإن النظام بأكمله لن يعمل بشكل صحيح.] كان من الضروري تنقيح البيانات والتأكد من أن عملية جمع البيانات وتحديثها محكمة، بدون إضافة حواجز بيروقراطية جديدة. كانت غايتنا البساطة مع الحفاظ على الدقة. وهذه إحدى الأشياء التي ساعدت البحرين على أن تصبح الأولى إقليمياً في امتلاك بوابة واحدة تحت مظلتها بوابات مركزية متعددة. نتحكم في مدفوعاتنا الوطنية بشكل مركزي، حيث لدينا مُجمِّع للمدفوعات الوطنية. لدينا أيضاً بنية تحتية حكومية وطنية، لذلك يمكن للأشخاص العثور على أي بيانات مطلوبة. كما لدينا نظام وطني آخر مهم جدا، وهو نظام الشكاوى والاقتراحات الوطني. في الماضي، كان لدى الجميع صناديق الاقتراحات والشكاوى الخاصة بهم، وكان لمختلف الجهات وسائل مختلفة لجمع البيانات. والمشكلة في ذلك لم تكن البيروقراطية في جمع الشكاوى، ولكن الثقة في النتائج، لأنها في أيدي الناس الذين ترفع شكواك بحقهم. لهذا، من الأفضل للجميع استخدام نظام موحّد وحيد.
٤- هل أدى تنفيذ الحكومة الإلكترونية إلى ارتفاع معدل البطالة في الوظائف العامة؟
[بعد تنفيذ الحكومة الإلكترونية] ذات مرة جاء وزير التجارة إلى اجتماع وقال إن كان لديه 40 موظفاً لم يكن يعرف ما يفعل بهم. ولكن في الواقع، كان يعاني من نقص الموظفين في العديد من المجالات الأخرى داخل وزارته، لذلك أعاد تدريب بعض هؤلاء الموظفين ليكونوا مسؤولين عن مهام ومسؤوليات جديدة. أما الذين لم يكونوا مؤهلين للتدريب، فقد حصلوا على حزم تقاعد أو حصلوا على عروض عمل أخرى، الأمر الذي أتاح فرص عمل جديدة لأشخاص آخرين.
٥- ما خطواتكم المستقبلية؟
لقد طرحنا أول سياسة لتقنية السحابة في المنطقة، ونحن من بين بلدان قلائل قامت بذلك على مستوى العالم. [تقوم فلسفتنا على أن] أي نظام حكومي يجب أن ينتقل إلى السحابة ما لم يثبت أنه ينبغي أن يجري بالوسائل التقليدية. بمجرد تطوير بنية السحابة بالتعاون مع "أمازون Amazon" والتأكد من أنها آمنة ومعتمدة، أثبتنا أن الوفورات من الانتقال إلى السحابة ستكون من 30 إلى 60 بالمئة. بعد التنفيذ، وصلنا إلى 60 إلى 90 بالمئة، وفي بعض الأنظمة 95 بالمئة. ثم كان القرار بأن ينتقل الجميع إلى السحابة. لقد قمنا حتى الآن بترحيل 480 من أعباء العمل الحكومي في العام الماضي، ونحن نخطط لمضاعفة هذا العمل خلال السنوات الثماني القادمة. عندما تفتتح أمازون مقارها في البحرين في الربع الأول من عام 2019، سيكون قد تم ترحيل نصف الأنظمة الحكومية تقريباً إلى السحابة. لقد قمنا بتدريب 400 موظف حكومي على كيفية استخدام السحابة، وسنقوم بتدريب 700 موظف آخرين في الأشهر القليلة القادمة. سجّل آلاف المواطنين البحرينيين من غير العاملين بالحكومة في هذه الدورات التدريبية لأننا نعلم أن افتتاح أمازون في البحرين سيخلق الآلاف من فرص العمل، وعلينا أن نكون مستعدين وإلا فإن آخرين سيحصدون ثمار ذلك. إن وجود مجموعة المهارات وتقنية السحابة في البحرين سيساعد دول الخليج لأن الاتصال سيكون أرخص بكثير بالنسبة لهم، وسيكون وقت استرجاع البيانات أقصر بكثير. ونحن بصدد تغيير اللوائح والقوانين للتأكد من حصولنا على الاستفادة الكاملة من هذه السياسة السحابية.