ثلاثة رواد أعمال من إفريقيا يتحدثون عن الطريق الذي قادهم إلى النجاح
يعمد رواد الأعمال في أفريقيا إلى تسخير التكنولوجيا لحل المشاكل المحلية والعالمية.
تُحدِث الشركات الناشئة الملمة بالتكنولوجيا في القارة الإفريقية تغييراً اجتماعياً حقيقياً سواء بإنشائها نظام طلبات بآلية نصية للمتاجر الصغيرة أو بتخفيفها من وطأة النقص العالمي في علماء الحاسوب أو بتمكينها التجار الأفارقة من الإتجار ببضائعهم عبر الحدود على نحو أفضل.
تضع هذه الشركات الشابة أفريقيا على خارطة الشركات الناشئة وستلهم الكثير غيرها للاقتداء بها.
نعرض عليكم ثلاث قصص قصيرة توضح الطريقة التي ساهمت بها ثلاث شركات ناشئة في بيئة ريادة الأعمال الأفريقية.
دانييل يو، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة «سوكووتش» (Sokowatch)
كنت أعيش في مصر في إطار برنامج تبادل جامعي حينما لاحظت عدم وجود خدمة تتيح للمتاجر الصغيرة أن تطلب بضائعها، وبعد انتهاء برنامجي الجامعي، عدت إلى جامعة شيكاجو وتوصلت إلى فكرة تُمكّن تجار التجزئة من طلب البضائع عبر الرسائل النصية، فشاركت في مسابقة للشركات الناشئة وفزت بجائزة وحصلت على بعضٍ من التمويل الذي مكنني من البدء بالعمل على شركتي.
تحدثنا مع شركة «ريجلي» (Wrigley) وزرنا مكتبها في كينيا، حيث عبرت الشركة عن إعجابها الشديد بفكرتنا وأبدت استعدادها لاستخدام تقنيتنا إن بدأنا عملياتنا في الدولة.
فشددنا رحالنا وأسسنا مكتبنا الرئيسي في كينيا بعد ثلاثة أسابيع.
واجهنا الكثير من التحديات، كان من أكبرها اتخاذ قرارٍ بشأن نموذج أعمالنا. بدأنا العمل بصفة شركة تقنية مكرّسة للبرمجيات، فمكن نظامنا البرمجي المتاجر من تقديم طلبياتها وأتاح للموزعين تلقي هذه الطلبات وتسليم البضائع اللازمة بعد ذلك، وكان الموزعون يدفعون لنا لقاء استخدام هذه المنصة.
غير أن نموذج الأعمال الذي اخترناه فشل واستغرقنا بعض الوقت لتفسير ذلك. أدركنا في نهاية المطاف أن ذلك حدث بسبب عدم رغبة الموزعين بمواصلة الدفع لقاء استخدام برنامجنا وعدم اهتمامهم بتوصيل البضائع إلى المتاجر الصغيرة.
تعلمنا من هذه التجربة وقمنا بدلاً من ذلك ببناء شبكة التوصيل الخاصة بنا ودمجناها مع تقنيتنا، فصرنا اليوم نتلقى طلبيات المتاجر عبر الرسائل النصية والتطبيق، ونستخدم شبكتنا من السائقين بدلاً من الاعتماد على الموزعين في إيصال البضائع وتسليمها، فنجح النموذج جديد.
تشمل المتاجر التي نتعامل معها على المتاجر الأساسية والأكشاك في الشوارع، إذ يستخدم 3,000 متجر في كينيا وتانزانيا منصتنا اليوم بينما نعمل مع 12 موزعاً. ومن أكثر المنتجات طلباً هي الأرز والدقيق والصابون وزيت الطبخ ولوازم الغسيل، وينافسنا تجار الجملة ومحلات البيع بالجملة التقليدية.
لم نجني أرباحاً حتى الآن، لكننا بعد تحقيق ذلك سنتوسع إلى مدن أخرى في كينيا وتانزانيا وأوغندا ورواندا.
نعمل حالياً على جمع الأموال في جولة نتوقع إكمالها خلال الشهر المقبل. كنا قد تلقينا دعماً مالياً قدره 1.3 مليون دولار أميركي من مستثمرين ممولين في الولايات المتحدة ولدينا بعض المستثمرين من كينيا وأوروبا.
يتألف فريق عملنا من سبعة أشخاص. وقد كان العثور على الكفاءات أمراً بالغ الصعوبة ولا سيما بالنسبة لشركة تقنية ناشئة تبحث عن أشخاص يتمتعون بمهارات محددة جداً، إذ لا يمتلك الكثير من الأشخاص الخبرة التي نحتاج إليها.
ومع ذلك، فإن لدينا معدلاً جيداً في الاحتفاظ بالموظفين وأنا فخور جداً بفريقنا المحلي بالكامل. لقد بدأ الكثيرون منا العمل كسائقين للتوصيل وأثبتوا أنفسهم كأشخاص أمناء ورائعين، فمنحناهم الفرصة ليصبحوا جزءاً من فريق عملياتنا وعملائنا، ونحن نواصل العمل مع مصنعين جدد لنوفر لعملائنا منتجات وعروض جديدة.
سيني سليمان Seni Sulyman، نائب الرئيس للعمليات العالمية في «أنديلا» (Andela)
هنالك نقص عالمي في الكفاءات المتخصصة بمجال هندسة البرمجيات، فقد تعذر شغل ما يصل إلى مليون وظيفة ذات صلة بعلوم الحاسوب في الولايات المتحدة وحدها منذ عام 2015، حيث تجد الشركات صعوبة في العثور على الكوادر المؤهلة التي يحتاجون إليها.
تساعد «أنديلا» في حل هذه المشكلة بتوظيفها أفضل مطوري البرمجيات في أفريقيا والربط بينهم وبين الشركات التي تبحث عن موظفين جدد. يتكون فريق «أنديلا» المؤسس من ستة خبراء في مجال التكنولوجيا وهم (كريستينا ساس وإيينولوا أبويجي ونادايار إينيجيسي وإيان كارنيفالي وجيريمي جونسون وبرايس نكينجسا) وبمزيج متنوع من الجنسيات والخبرات المهنية.
بدأت الشركة أعمالها في عام 2014، وفي غضون أربعة سنوات، عملنا على ربط أكثر من 1,100 موظف بعد معاينتنا لأكثر من 70 ألف متقدم في عملية تدقيق استمرت ستة أسابيع، ثمّ خضع المتقدمون الناجحون، الذين شكلت الإناث 26% منهم (بينما يبلغ المتوسط العالمي لهذه الوظائف 7%)، لتدريب داخلي معنا لمدة ستة أشهر. ويبلغ متوسط أعمار هؤلاء الموظفين حوالي 25 عاماً ويمتلك 80% منهم شهادات في علوم الحاسوب.
تتوزع مكاتبنا في لاغوس ونيروبي وكامبالا وأوغندا وسان فرانسيسكو ونيويورك، وقد جمعنا تمويلاً بلغ 80 مليون دولار أميركي من مستثمرين مثل «جي في» (GV) (المعروفة سابقاً باسم «جوجل فينتشرز» (Google Ventures)) و«سبارك كابيتال» (Spark Capital)، كما جمعت جولة التمويل الأخيرة نحو 40 مليون دولار أميركي في عام 2017 من مبادرة «تشان زوكربيرج» (Chan-Zuckerberg Initiative).
[ملاحظة المحرر: سبق وأن قامت شركة رأس المال الاستثماري «أوتليرز فينتشرز» (VC Outlierz Ventures) في المغرب، التي نفذت استثمارها الأول في «أسوكو إنسايت» (Asoko Insight)، وهي منصة معلومات السوق التي تغطي دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بزيارة مكاتب أنديلا في لاغوس خلال جولتها في نيجيريا لفهم نموذج أعمالها بشكل أفضل وفقاً لما ذكرته الشريكة الإدارية كينزا لاهلو.]
تتمثل رسالة أنديلا بإيجاز في تعزيز القدرات البشرية من خلال تمكين فرق اليوم والاستثمار في قادة الغد، ويتجسد هدفنا بجعل هذا العالم أكثر إنصافاً وازدهاراً بتطويرنا الجيل القادم من القادة التقنيين الذين سيبنون المستقبل.
إننا نثبت أن التألق موزع بالتساوي وأن تطوير البرمجيات أمر يمكن أن يتقنه المواطنون الأفارقة على نطاق واسع بفضل عقولهم اللامعة وحماسهم الكبير. وبينما نعمل اليوم على توجيه وتحفيز مسيرة مئات الآلاف من المطورين في جميع أنحاء أفريقيا، فإننا نأمل في إطلاق موجة عالمية غير مسبوقة من الاستثمار في الموارد البشرية، لتأهيل أكبر عدد ممكن من أقراننا السبعة مليارات للمساهمة بفاعلية في مستقبلنا الجماعي.
نيك بانتوتشي، رئيس المنصة والشريك المؤسس في «وايز تو كاب» (WaystoCap)
تتصدى منصة «وايز تو كاب»، وهي سوق بين الشركات بتركيز إفريقي، للتجار الدوليين الكبار ممن يعتمدون على التسعير غير الواضح والمضاربة من الداخل. فشركتنا منصة تجارية من الجيل الثاني تساعد مؤسسات الأعمال الأفريقية الصغيرة في إجراء عمليات البيع والشراء دولياً.
نعمة البسّوني هي المديرة التنفيذية لهذه الشركة الناشئة التي أُسّست في عام 2015 وتتخذ من الدار البيضاء مقراً لها، وتعدّ الشركة الناشئة المغربية الأولى التي تتلقى دعماً من حاضنة «واي كومبيناتور» (Y Combinator) وعدداً من المستثمرين الآخرين المعروفين في «وادي السيليكون» (Silicon Valley). كما اعترف المنتدى الاقتصادي العالمي مؤخراً بالمنصة كشركة تقنية رائدة لتكون بذلك أول شركة ناشئة في شمال أفريقيا تحصد هذا الوسام.
إننا نسعى لتحقيق الشفافية والكفاءة والاستدامة للتجارة في أفريقيا، ونقوم بذلك بتوفير بيئة موثوقة تتيح لمستخدمينا شراء السلع وبيعها، ومن خلال تعاوننا مع شركاء مثل «كوفاس» (Coface) و«إيكوبنك» (Ecobank) و«بيرو فيريتاس» (Bureau Veritas) فإننا نقدم للشركات الصغيرة والكبيرة مجموعة من الأدوات لتحقيق أهدافها.
نمارس أنشطة أعمالنا في 11 دولة أفريقية، حيث لدينا مكاتب موزعة في الدار البيضاء وكوتونو وواغادوغو، ومن المقرر افتتاح غيرها قريباً. تركز منصتنا على تسهيل التجارة بملايين من الدولارات.