صفقة استحواذ "أوبر" على "كريم" وأثرها على البيئة الحاضنة في المنطقة
كنت أفضل أن يتم إدراج "كريم" في السوق المالية وأن تبقى شركة مستقلة ليكون ذلك أكبر مؤشر على نضوج البيئة الحاضنة في المنطقة. ولكن للأسف، لم تصل المنطقة بعد إلى مرحلة من النضوج تمكّنها من دعم الطرح العام الأولي بسبب البيئة التنظيمية والسيولة وغيرها من العقبات التي لم تتمكّن الهيئات التنظيمية من إيجاد حلول لها بعد.
هذه أول وأهم رسالة لي في هذه المقالة؛ إذا أردنا من الشركات أن تبقى لتفتح الأسواق، علينا بتغيير التشريعات واللوائح التنظيمية وقوانين الاستثمار الأجنبي والسماح للشركات التي لا تملك سجلاً من الربحية أن تُدرج في الأسواق المالية لتقرر السوق والمستثمرون إذا كانت جديرة بالاستثمار بدلاً من تدخلات المنظمين.
بدأت بسرد التحديات، والآن إليكم الأخبار الرائعة
ليس استحواذ "أوبر" على "كريم" سوى دلالة على أن المنطقة قادرة على إنشاء شركة بقيمة تفوق المليار دولار والنضوج بها ورفع قيمتها السوقية.
والصفقة دليل أيضاً على أنّ الشركات التي تمكّنت من النضوج والتوسّع والتنافس قادرة على جذب استثمارات عالمية، سواء من خلال مستثمرين استراتيجيين أو أي نوع آخر من الاستثمار. و"أوبر" هي المثال في هذه الحالة، و"جنرال أتلانتيك" في حالة "بروبرتي فايندر" قبل عدة أشهر.
هذا يعني أن التشاؤم حيال واقع المنطقة السياسي والاقتصادي ينطبق على قطاعات معينة وليس على شركات التكنولوجيا، فشركات كهذه ستزدهر وتنمو وتقدم نتائج مميزة بغض النظر عن العقبات التي تواجهها الشركات التقليدية.
يضاف إلى ما سبق أن صفقة الاستحواذ هذه تعتبر أول صفقة تخارج بهذا الحجم لمجتمع رأس المال المخاطر في المنطقة، وسيحصد العديد من المستثمرين مثل "إس تي سي فنتشرز" و"بيكو كابيتال" و"ومضة كابيتال" و"إس تي في" استثمروا في "كريم"، عوائد طائلة لمستثمريهم.
ومن ثم تأتي التكتلات الكبيرة والشركات العائلية في المنطقة، مثل "المملكة القابضة" و"الطيّار". فهؤلاء مستثمرون إقليميون يشكلون جوهر الدعم والاستثمار في الشركات المحلية، حيث يستثمرون في المراحل المبكرة ويحصدون العوائد.
يضاف إليهم جميع زملاء مدثر شيخة وماجنوس أولسن في "ماكينزي إند كومباني" والمستثمرين الملائكة الذين راهنوا على مؤسسي الشركة قبل إطلاقها، فهؤلاء سيضاعفون استثماراتهم عشرات المرّات.
والأهم من كل ذلك، المردود الكبير وغير المسبوق الذي سيجنيه موظفو "كريم"، وليس فقط المؤسّسين، فسخاء نظام خيار شراء الأسهم في الشركة سيعود بمئات الآلاف أو حتى الملايين من الدولارات على العشرات لا بل المئات من الموظفين. وهنا تكمن أهمية ريادة الأعمال في توليد الثروة بعيداً عن التوريث والشركات العائلية. هذا أمر جديد وغير مسبوق في المنطقة.
أخيراً وليس آخراً، تعني صفقة الاستحواذ هذه أنّ العديد من أصحاب المواهب الرائعة سيتركون وظائفهم في "كريم" ليصبحوا رواد أعمال جدد يبتكرون ويحاولون تكرار ما شهدوا عليه في "كريم"، أو ليصبحوا شركاء مؤسسين في شركات ناشئة موجودة، أو يستثمرون في شركات أخرى.
سيكون لهذا الاستحواذ على الشرق الأوسط أثر صفقة بيع "مكتوب" لـ"ياهو" ولكن مضاعف عشرات المرات. نحن اليوم نشهد عصراً جديداً، عصر خريجي "كريم" الذي سينقل المنطقة إلى مرحلة جديدة من الابتكار وتأسيس الشركات، ليولّد وظائف وثروات جديدة.