تُعد شركة "سيجما فيت"،التي حازت على شهرة دولية كبيرة في يناير الماضي بعد مشاركتها في أكبر معرض في العالم للمنتجات الاستهلاكية بمدينة لاس فيجاس الأمريكية، من الشركات المتخصصة في تكنولوجيا النانو لإنتاج أقمشة طاردة للسوائل.

وتستخدم الشركة هذه التقنية عادة لإنتاج الملابس الرياضية، التي يمكن تركها دون غسل لعدة أسابيعٍ حتى مع ارتدائها بصورة يومية. ولكن بعد ظهور جائحة فيروس كورونا، أصدر عمر المنير الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "سيجما فيت" تعليماته لفريقه بالعمل على إنتاج بدلات واقية باستخدام المواد نفسها.

وتوفر هذه الملابس أقصى قدر من الحماية ضد الفيروس حتى مع غسلها لما يصل إلى 30 مرة؛ مما يسمح بإعادة استخدامها. وقدمت "سيجما فيت" نحو 10 آلاف بدلة واقية للمستشفيات في جميع أنحاء مصر.

ويقول عمر المنير (29 عاماً) الذي أطلق الشركة في عام 2016: "لقد حلت هذه البدلات محل البدلات التي تُستخدم مرة واحدة فقط، والتي تكون أعلى تكلفةً وأقل حمايةً وغير صديقة للبيئة. وتعتمد البدلة على تكنولوجيا النانو لطرد السوائل، كما أن نفاذيتها أقل من ميكرون واحد؛ وبالتالي لا يستطيع الفيروس اختراقها. أجرينا الكثير من الاختبارات، وحصلنا على شهادات من الحكومة تثبت أن البدلة توفر حماية معززة".

ويشير عمر إلى أن بدلات الوقاية، التي تُستعمل مرة واحدة فقط يبلغ سعرها 50 جنيهاً مصرياً (3.10 دولارات)، في حين يبلغ سعر بدلة سيجما فيت 250  جنيهاً ويمكن إعادة استخدامها حتى 30 مرة إذا تم رشها بالكحول.

لم تتوقف ابتكارات "سيجما فيت" عند هذا الحد، حيث أنتجت الشركة أيضاً أقنعة للاستخدام العام بتكنولوجيا النانو، وأصبحت متاحة للشراء في مصر بداية شهر يونيو الماضي.

ويضيف عمر قائلاً: "نحتاج إلى تصنيع قناع رخيص وأنيق ومريح. نريد أن نخلق ثقافة الموضة حتى إذا أُعجِب الناس بالمنتج سيميلون أكثر لارتدائه وحماية أنفسهم. ستكون الأقنعة ضرورية لسنوات على الأرجح، وتتميز أقنعتنا بأنها طاردة للسوائل وكثافة أقمشتها محددة حسب المعايير الدولية، وهي مصنوعة من الداخل من قطن رياضي يمكنه امتصاص العرق".

وتؤكد شركة "سيجما فيت"، التي يعمل بها حالياً 85 موظفاً، أن المواد التي تستخدمها في تصنيع منتجاتها لا يستطيع الفيروس اختراقها. ويستند هذا الرأي على حسابات مفادها أن الفيروس يلتصق بجزيئات صلبة أو سائلة يبلغ قطرها 8 ميكرونات (0.008 ملليمتر) تسير بسرعة تصل إلى 80 كيلومتر في الساعة.

ويوضح عمر هذه الجزئية بقوله: "حتى إذا تمكن الفيروس من اختراق القناع، توجد طبقة قماش أخرى من الداخل لإيقافه. وقد أظهرت الاختبارات أننا يمكننا تحقيق معدل وقاية من العدوى بنسبة 98%".

حماية كاملة في كل مكان

يبلغ سعر عبوة أقنعة الوجه للاستعمال مرة واحدة في مصر 250 جنيهاً مصرياً، في حين يبلغ سعر قناع سيجما فيت القابل لإعادة الاستخدام 75 جنيهاً مصرياً، لكن يمكن غسله لما يصل إلى 50 مرة مع الاحتفاظ بخواصه المضادة للماء.

ويتابع عمر الحديث: "إذا قضيت 50 يوماً تستخدم قناعاً مختلفاً من الأقنعة التي تستعمل مرة واحدة يومياً، يوجد احتمال كبير لإصابة البعض على الأقل بالعدوى. وإذا تخلصت من هذه الأقنعة، يمكن أن ينتهي الأمر بإصابة الأشخاص، الذين يجمعون القمامة"، مشيراً إلى بعض المصريين الفقراء يستخرجون الأقنعة المستعملة من صناديق القمامة لغسلها وإعادة بيعها.

وستطرح "سيجما فيت" أقنعتها للبيع من خلال موقعها الإلكتروني وفي صالات الجيم والمنشآت الرياضية الأخرى، وستوفر هذه الأقنعة أيضاً بلا علامة تجارية، وذلك حتى تتمكن الشركات الأخرى من استخدامها ووضع علامتها التجارية عليها.

من جانبه، يتوقع عمر أن يتم بيع الأقنعة للمصانع والأماكن الأخرى، التي تضم قوى عاملة كبيرة، ويتنبأ بأن الشركة ستحقق إيرادات بقيمة 5 ملايين دولار من هذا المنتج خلال الأشهر العشر القادمة.

وتظل التركيبة الكيميائية الدقيقة لتكنولوجيا النانو المضادة للماء سراً خاصاً بالشركة، لكن عملية تغطية السطح الخارجي تعتمد على نفس خطوات وأسلوب الطلاء المضاد للماء المستخدم في القوارب والمركبات.

ويختتم عمر، الذي عمل في "سيجما فيت" خلال وقت فراغه لمدة 20 شهراً قبل أن يترك وظيفته كمهندس بترول للتركيز فقط على شركته الناشئة، قائلاً: "رأيت طلاءً طارداً للسوائل في السيارات، وقلت لنفسي "ماذا لو كان بإمكاننا تصنيع ملابس بالطريقة نفسها؟" هذا سيجعلها مضادة للبكتيريا. ومن ثم، أثار هذا الأمر فضولي وجذب اهتمامي بشدة".