خفايا التمويل في العراق
بقلم علي السهيل
علي السهيل هو المدير الإداري لشركة كابيتا (KAPITA) التنموية المتخصّصة في الاستثمار في الشركات الناشئة وتطويرها. كما أنه مدير شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية.
تزداد أجواء التمويل سخونة. فعلى أثر انتشار خبر حصول تطبيق ليزوو (Lezzoo) على تمويل استثماري برقم مكوّن من سبع خانات، بدأنا نشهد نشاطًا أكبر مع مشروعات العراق التقنية (Iraq Tech Ventures) التي قدّمت تمويلًا استثماريًا برقم مكوّن من ست خانات في تطبيق السريع/زاجل Alsaree3/Zajil)) واستحواذ تطبيق ليزو (Lezzoo) على أربيل دليفري (Erbil Delivery).
فيما يلي بعض اللمحات المثيرة مّما حصلنا عليه حتى الآن:
اندفعت الاستثمارات بشدّة نحو نماذج الشركات الناشئة التي تتعامل مباشرة مع المستهلك في مجال التجارة الإلكترونية وتسليم الميل الأخير.
يقيم أغلب المستثمرين بالخارج في حالة ما لم يكونوا مستثمرين أجانب أصحاب عملياتٍ كائنة في العراض.
تُعد الشركات الناشئة في المرحلة الأولى، تلك التي تقدّم منتجًا مُوثّقًا/متوافقًا مع آليات السوق وتكنولوجيا راسخة ونموذج تجاري واضح، الأكثر جذبًا للمستثمرين.
وهو أمرٌ طبيعي نظرًا للمخاطر الكامنة وعدم استقرار السوق العراقية. يطالب المستثمرون بالضمانات التي تعطيها الشركات الناشئة ذات العمليات الراسخة والنماذج التجارية المُوثّقة.
بينما على الجانب الآخر، نرصد دعمًا متزايدًا للشركات في مرحلة التكوين والتأسيس. أبدت الكثير من الجهات اهتمامًا بهذا المجال بما في ذلك المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة والتي أعلنت عن إطلاق برنامج منح للشركات الناشئة من خلال صندوق تطوير المشاريع، حيث قبلت شركة أورنج كورنر بغداد شريحتها الثانية فيما أطلقت الجامعة الأمريكية بالعراق – السليمانية مسارع تكوين (Takween). جميع هذه البرامج مُموّلة من قِبَل متبرعين ومنظمات متعددة الجنسيات وستساعد في العمل كخط لشركات ناشئة مبتكرة وجذّابة تستهدف الكثير من المشكلات في العراق.
خلق التداخل بين رغبة المستثمرين في الاستثمار في شركات ناشئة في مرحلة باكرة من التمويل ودعم المنظمة التنموية للشركات الناشئة في المرحلة السابقة على التكوين والتأسيس فراغًا للشركات الناشئة في مرحلة التكوين والتأسيس. نرصد الكثير من المؤسسين القادرين أصحاب الأفكار النيّرة غير قادرين على بناء مشروعٍ ما بسبب الغموض الذي يكتنف مسألة التمويل. ينتهي مآل المؤسسين غير القادرين على الحصول على تمويل إلى اللجوء إلى بناء بنيات تحتية تكنولوجية زهيدة مع الاعتماد المفرط على العاملين لحسابهم الخاص ضمن أغراضٍ رئيسية تشملها تلك المشروعات. ينتج عن كل ذلك نموذج تشغيل مهتز يقوم على تكنولوجيا ضعيفة يفشل تمامًا في التعاطي مع صعود الشركة. لرأب هذا الصدع، قمنا مؤخرًا بإطلاق شبكة المستثمرين المخاطرين العراقية الأولى لمساعدة الشركات الناشئة في كل مراحها، وكذا التركيز بالذات على مرحلة التكوي والتأسيس. تلك هي الشركات الناشئة التي يمكنها الاستفادة بشدة من روّاد الأعمال والمستثمرين نظرًا لصغر حجم التكلفة فيما يستفيد المؤسسون من شبكاتهم ومعرفتهم المحلية.
كما أن للمؤسسين أنفسهم دورٌ في رأب هذا الصدع. فهناك عدد من الأشياء التي يمكنهم فعلها لتقليل حدة المخاطر التي تواجهها مشروعاتهم وجعلها أكثر جذبًا للمستثمرين.
تسجيل المشروع: يقلق المستثمرون بشدة من التعقيدات القانونية للاستثمار في المشروعات الخالية من أي شكلٍ قانوني. وفيما تطول عملية تسجيل المشروع وتكلّف كثيرًا، يحتاج المؤسسون إلى البدء في العملية – على الأقل – قبل جذب المستثمرين.
القدرات التكنولوجية المُدمجة: عندما تكون التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من المشروع، ستكون بحاجة إلى دمجه، وفي هذه الحالة يمكنك الاستعانة ببعض مكونات تكنولوجياتك ولكنك بالتأكيد في حاجة إلى قدرات مُدمجة لإدارة المشروع والنهوض به. يميل المستثمرون أكثر إلى الاستثمار في الشركات الناشئة ذات القدرات التكنولوجية المُدمجة.
الاستفادة من حقوق ملكيتك: إن العاملين الأكثر أهمية الذان سيحددان نجاح الشركة الناشئة هما الفريق والسوق. في الأيّام الأوُل للمشروع لا تكون الرواتب مرتفعة، ولكن بإمكان المؤسسين جذب مواهب قوية تستفيد من حقوق الملكية.
الاستعداد للحصول على التمويل: كجزء من حصولك على التمويل، عليك أن تنشيء مستنداتٍ لتسوّق لمشروعك. سيطّلع المستثمرون على أوراقك وخطة عملك التي تعكس روح مشروعك وطموحاتك. ولذا ينبغي على المؤسسين إشاء مستنداتٍ عالية الجودة واضحة الأفكار والخطط والسوق التي تستهدفها.
فهم مواضع قوتك: بادءٍ ذي بدء، يجب على كل شخص في مؤسستك أن يلعب دورًا محوريًا في المشروع، والمؤسسون ليسوا بعيدون عن هذا. لا يمكن للمؤسسين الاختباء خلف لقب "المدير التنفيذي"، بل هم بحاجة إلى ترك لمساتهم القيّمة على المشروع ككل.
إن الحصول على التمويل مهمة صعبة في كل مكان في العالم، وبخاصة في العراق نظرًا لآليات السوق وعدم استقرارها. ينبغي على المؤسسين أن يدركوا التحديّات والآليات المرتبطة بالحصول على التمويل.
نتوقع أن نسمع المزيد من أخبار التمويل من العراق قبيل نهاية هذا العام. وفيما يدخل المزيد من المستثمرين عالم تسليم الميل الأخير والتجارة الإلكترونية، نتوقع استثمارات جديدة تدخل مجالات جديدة في السوق. كما نشهد الكثير من الشركات الناشئة الساعية إلى مواجهة التحديّات في قطاع الرعاية الصحية في العراق. هناك قطاعان آخران يحصلان على اهتمامٍ دولي على الرغم من خلوّهما من أي نشاطٍ حقيقي في عالم الشركات الناشئة فيه؛ وهما التكنولوجيا الزراعية والتكنولوجيا المالية. تلقى التكنولوجيا المالية اهتمامًا خاصًا، حيث سيكون للابتكار في هذا المجال بهدف الإسهام في النهوض بالثقافة النقدية في العراض وتحريك المستهلكين نحو السداد الإلكتروني تأثير كبير على النظام الاقتصادي ككل. الكثير من الإثارة تلوح في الأفق!
المقال الأصلي منشور في مجلة بيزنس لاندسكاب بواسطة كابيتا (KAPITA) – الإصدار الأول