إمكانيات هائلة ومجهود مضاعف لقطاع تكنولوجيا السفر في المنطقة
كشفت هيئة مطارات دبي في معرض أسبوع "جيتكس" للتقنية 2017 عن نفق على شكل حوض أسماك افتراضي. ففيما تعبر النفق متأملاً مشاهد الطبيعة والحياة البرية الساحرة التي تعرض على الشاشات الداخلية، ستجري كاميرات خفية مسحاً لوجهك لمطابقة المعلومات المسجلة. بالتالي، بدل أن يرتبك زائر دبي بجوازات السفر والتأشيرات، بات بإمكانه اليوم التجوّل بكلّ راحة في ما أطلق عليه أحد الصحافيين تسمية «نفق الهجرة» في المستقبل.
إذاً عندما يقترن بالتكنولوجيا، سيتجاوز قطاع السفر حدود الممكن. إن مجالات السياحة والفنادق والنقل هي محور تكنولوجيا السفر في الإمارات، ما يعزّر من فرص النموّ لهذا القطاع، خاصة أن البلاد استقبلت حتى أغسطس 2017، 10.4 مليون زائر، وهذه زيادة بنسبة 8% بالمقارنة مع الفترة نفسها خلال العام الماضي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قال وكيل وزارة الاقتصاد الإماراتية محمد خميس المهيري إنّ السياحة تساهم في 12% من الناتج الإجمالي المحلي، إذ أنفق زوّار الإمارات 110 مليار درهم (30 مليار دولار) في عام 2016. كما يوفر هذا القطاع حوالي 10.4% من الوظائف في سوق العمل المحلي.
فرص متعددة
من جهتها، علقت نائب رئيس العلامات التجارية الفخمة والمختارة في الشرق الأوسط وإفريقيا لدى "ماريوت الدولية" Marriott International ساندرا شولز بوتجيتر لومضة قائلة «توجد الكثير من الفرص في دول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلّق بمجالات السفر والتكنولوجيا.» وأضافت «تضمّ منطقة الشرق الأوسط جنسيات مختلفة، ما يشكّل فرصة رائعة من أجل التقدم بأدوات تحسّن تجربة الزوّار في مجالات الترجمة والتواصل في المنطقة.»
وتسجل منطقة الخليج واحدة من أعلى نسب استخدام الهواتف الذكية في العالم، بحيث تُشكّل الإمارات 78% منها. وبحسب تقرير"سوجيرن Sojern" و"»فكر مع غوغل Think with Google" فإن 64% من الاستفسارات حول السفر عام 2016 في المنطقة تمّت باستخدام هواتف ذكية. كما أظهر التقرير أن أكثر من 80% من المسافرين لدواعي العمل أو الترفيه يحملون هواتفهم الذكية معهم حين يسافرون إلى المنطقة.
المشاركة الحكومية
من جهتها، شدّدت دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي في رسالة إلكترونية إلى ومضة على الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في توفير تجارب سفر استكشافية وسلسة بالنسبة للزوار. وقدمت تطبيق «دبي كالندر Dubai Calendar وبرنامج التدريب الجديد «خبير دبي Dubai Expert « كدليل على ذلك.
فمن خلال تحميل تطبيق «دبي كالندر»، يمكن للزائر اكتشاف الفعاليات التي تجري في الإمارات وشراء التذاكر وطلب استرداد أمواله بالكامل في حال إلغاء الفعالية. أمّا برنامج خبير دبي وهو بإدارة كلية دبي للسياحة فقد أنشئ لمساعدة المزوّدين الأساسيين لخدمات السفر، أي وكلاء السفر.
وفي بيان صحفي، قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري عصام كاظم «أردنا صنع أداة تدريب توفر المعلومات التدريبية، وذلك بطريقة مسلية وتفاعلية وتشاركية. وفي الوقت نفسه تعزّر التوعية حول ما تقدّمة مدينة دبي.» وتابع «نحن نؤمن أن وكلاء السفر لا يجب أن يسوّقوا دبي فحسب لدى عملائهم، بل أيضاً يجب أن يكونوا قادرين على تنظيم برامج سفر معدّة بشكل خاص لكلّ زائر.»
تحسين تجربة العملاء
وكانت سلسلة فنادق "الماريوت" العالمية أطلقت عام 2013 حملة «ترافل برليانتلي Travel Brilliantly «التي تركز على التكنولوجيا، داعيةً الزوار للتعرّف على مدى التزامها بالابتكار في مجال السفر. واستعانت شولز بوتجيتر بمثال آخر هو بطاقة ستاربكس مسبقة الدفع حيث يمكن للعملاء الدائمين استخدام بطاقة خصم مسبقة الدفع لتسديد ثمن طلباتهم، مشيرة إلى أن التقنية «لم تكن مجرد أمر مترف تقوم به "ستاربكس"، بل حلّ لمشكلة تواجهها من الناحية التشغيلية.»
لذلك، طرحت سلسلة الفنادق برنامج تسريع الأعمال "تيست بيد" TestBED في الشرق الأوسط وإفريقيا، لمدة 10 أسابيع بعد أن كانت قد أطلقته في أوروبا في وقت سابق هذا العام مستهدفة الشركات الناشئة التي تحدث ثورةً في قطاع السفر والفنادق، حيث يمكن للمرشحين المختارين أن يختبروا حلولهم في أي من فنادق "ماريوت".
وقالت شولز بوتجيتر لومضة «مع تيست بيد، نأمل أن نسهّل بعض الإجراءات على عملائنا أو تحسين تجربتهم.» وسألت «إذا نظرنا مثلاً إلى طلب وجبات الطعام في الغرف، كيف يمكن تسهيل مثل هذا الأمر على العميل؟»
إن التحديات اللغوية شائعة جداً في المنطقة...» وأضافت «وجود أشخاص من حول العالم يساعد بالتأكيد المسافر العالمي، ولكن نأمل أن يبتكر أحد المتقدمين لبرنامج تيست بيد في فنادق ماريوت تقنية دعم لغوية لمعالجة هذه التحدّيات»، مشيرة إلى أن خدمات الهاتف الجوال والترجمة هما في قائمة أولويات هذا البرنامج لتسريع الأعمال.
التكنولوجيا و"إكسبو 2020"
كما شكلت تكنولوجيا الهواتف الجوالة المتقدمة، مبادرةً أساسيةً بالنسبة لفريق دبي إكسبو 2020. وتعليقاً على ذلك، قال سليمان المازمي نائب رئيس- تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إكسبو 2020 دبي إن شركة «اتصالات» تبني نقطتيّ تواجد دائمتين POPs وكذلك بوابة خدمات إنترنت في الموقع. كذلك، يدرس فريق إكسبو 2020 إمكانية إنشاء شبكة واي فاي لتوفير تغطية الهاتف الجوال في الموقع وعلى الطرقات المؤدية إليه والمناطق المجاورة له.
وأضاف المازمي في مقابلة عبر البريد الإلكتروني مع ومضة إنّ «شعار إكسبو 2020 هو تواصل العقول، وصنع المستقبل، وهذا يرتبط بشكل وثيق بالطريقة التي نستخدم فيها التكنولوجيا ونتفاعل معها.» وتناول الإكسبو الأخير قائلاً «في 1997 لم تكن السحابة موجودة ولا الهاتف الذكي كما نعرفه اليوم، والاتصال المستمر بشبكة الإنترنت كان أمراً نادراً»، وأضاف «بعد عشرين عاماً من اليوم، ربما سننظر إلى عالم مختلف تماماً يضمّ شبكات هاتف جوال ذات سرعات عالية جداً يتم الكشف عنها للمرّة الأولى في إكسبو دبي 2020.»
بناء منظومة حاضنة لريادة الأعمال
إلى جانب "تيست بيد" و"إكسبو 2020"، تشهد المنطقة تزايداً في عدد الشركات ومسرّعات الأعمال التي تركز على السفر والتكنولوجيا في ظلّ تشجيعٍ من نوع مختلف في هذا القطاع. فقد أطلقت انطلاق Intelak ، وهي حاضنة الطيران والسفر التي تأسّست العام الماضي، أول برنامج للشركات الناشئة هذا الصيف. كما اختارت دائرة السياحة والتسويق التجاري أسماء الرابحين في أول مسابقة للشركات الناشئة تحت عنوان «المستقبلية». كذلك، أعلنت شركة خدمات السفر ويغو WEGO عن حصولها على استثمارات من ميدل إيست فينتشر بارتنرز Middle East Venture Partners فيما تستمر شركات مثل تجول Tajawal وبومالو Pomalo وتينك لابز TinkLabs وسوجيرن Sojern في التوسع إقليمياً.ونصحت شولز بوتجييتر رواد الأعمال في مجال السفر بالمنطقة بالتفكير من منطلق العملاء بدلاً من منطلق أصحاب الفنادق.
وقالت «أنظروا إلى خارج القطاع.» وتابعت «في الماضي، قيّمنا أنفسنا (أصحاب الفنادق) ضمن القطاع مقارنةً بمنافسينا. الآن إذا أردت فعلاً أن تحدث فارقاً فيجب أن تنظر إلى خارج القطاع... (أنظر إلى) من هم الأفضل في توفير التجارب للضيوف وتمكين العملاء من متابعة كلّ جديد.»