كيف يساهم 'إنترنت الأشياء' في تغيير حياتنا؟
المعادلة بسيطة: التكنولوجيا التشغيلية زائد تكنولوجيا المعلومات تولّد تكنولوجيا "إنترنت الأشياء"، أي دمج المنتَجات التقليدية بتكنولوجيا المعلومات؛ معادلةٌ اختصر بها المدير الإقليمي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة "إنتل"، رود أوشيا Rod O'Shea، تعريف "إنترنت الأشياء" الذي بات يتّخذ منحًى كبيراً في حياتنا اليومية ويشكّل نزعةً معروفةً في السنوات القليلة الأخيرة.
"إنترنت الأشياء" الذي بات حديث الساعة، شكّل الموضوع الرئيسيّ في آخر معرضٍ ومؤتمرٍ تمّ تنظيمه في مركز دبي التجاري العالمي، في الثامن والتاسع من الشهر الجاري، بعنوانIoTx. وضمّ المؤتمر، إضافةً الى أروقة المعرض، باقةً من أهمّ الخبراء والمتحدّثين والشركات الكبرى على غرار "جنريل إلكتريك"، و"هواوي"، و"ديل" Dell، و"إنتل"، و"سيسكو"؛ إلى جانب شركاتٍ ناشئةٍ في"مركز الابتكار"، مثل"شورت بوينت"، و"كين ترانس"، و"إنترنز أم إي"، و"مينا كومرس"؛ من دون أن ننسى الجهات الحكومية، لاسيّما حكومة دبي التي تحدّثَت عن كلّ تفاصيل مشروع "دبي ذكية لحياة سعيدة".
المعرض خلال الفعالية
واعتبر ديليب راهولان Dilip Rqhulqn، الرئيس التنفيذي لشركة"باسيفيك كونترولز" Pacific Controls التي تعمل بشكلٍ مكّثفٍ مع حكومة دبي لركوب قافلة التكنولوجيا المعاصرة، أنّ "الإنترنت منحنا فرصةً للتواصل بطرق لم نكن لنحلم بها، إلّا أنّ ‘إنترنت الأشياء‘ سيحملنا إلى ما هو أبعد من التواصل لنصبح جزءاً من نظامٍ عصبيٍّ عالميٍّ متحرّكٍ وحيّ." في حين اتّفق المتحدّثون على أنّ منطقة الشرق الأوسط تشكّل سوقاً ناميةً لإنترنت الأشياء، يغدّيها قطاع الاتّصالات والمبادرات الذكية.
ولكن كيف يغيرّ، وسيغيّر، "إنترنت الأشياء" حياتنا ونظرتنا وتعاملنا مع التكنولوجيا؟
المدن الذكية
استحوذت المدن الذكية على مساحةٍ كبيرةٍ في الفعالية، لاسيّما أنّ كلّ ما قيل يأتي ليخدم بناء مدنٍ مماثلةٍ يكون قوامها "تحسين نوعية تجربة السكان والزوّار والشركات على حدٍّ سواء،" على حدّ قول نظير. ولا شكّ أنّ دبي ورؤية قيادتها كانَت مثالاً عن كيفية بناء مدنٍ ذكيةٍ أو التحوّل إليها. ومن ناحيته، اعتبر المدير العام لشركة "سيسكو" في الإمارات، ربيع دبوسي، أنّنا دخلنا عصر التحوّل الرقميّ، وأنّ دبي نموذجٌ جديدٌ لمدن المستقبل لاسيّما أنّها نجحَت في توفير الكثير من الشروط الأساسية. وهذه الشروط، وفقاً لدبوسي، تكمن في قيادةٍ ذات رؤيةٍ ونهجٍ شموليٍّ ومعايير عالمية وقوانين ذكية وشراكات بين القطاعين العام والخاص وبيئةٍ حاضنة حديدية، معتبراً أنّ توفّرها يؤدّي إلى نتائج إيجابية على الصعيدَين الاقتصاديّ والاجتماعيّ، بالإضافة إلى الاستدامة البيئية. فباختصار، تتشكّل البيئة الحاضنة الذكية من المواطن الذكيّ والمدينة الذكية وقطاع الأعمال الذكيّ!
الاتّصال أو connectivity
الأتصال هو قصّة حضارتنا وسيغيّر وجه العالم الذي نعرفه الى الأبد،" عبارةٌ اختصر فيها رئيس قسم تقنية المعلومات في مكتب عمدة سان فرانسيسكو، ميغيل غامينو Miguel Gamino، أهمّية الاتّصال في عصرنا اليوم في مختلف القطاعات، لاسيّما أنّه سيكون الدافع للتغيير المجتمعيّ الجذريّ، ويشكّل عاملاً أساسياً في الإبداع والابتكار. وشدّد على أنّ الاتّصال ذو القدرة العالية والواسع الانتشار سيقود موجة التقدّم والنموّ الجديدة إلى جانب الابتكار. ومن جهته، اعتبر رود أوشيا من "إنتل" أنّ الأجيال الجديدة تولد "متّصلة"، إذا صحّ التعبير، مع كلّ التكنولوجيا من حولها، وأنّ ولادة "المدن العملاقة" mega cities وزيادة عدد سكان الأرض سيزيدان من أهمّية الاتّصال لاستخدامٍ أفضل للموارد والأجهزة في حياتنا اليومية. وأكد كلوس هانسين Claus Hansen، من شركة "هيوليت-باكارد" على أنّ منصّة "إنترنت الأشياء"ستمكّن مدن المستقبل من خلال "أماكن متواصلة عبر أشياء مدمجة."
البيانات المفتوحة
توفّر هذه البيانات، بالنسبة لميغيل غامينو، الامكانيات من أجل تحسين نوعية المعيشة، وتؤمّن خدماتٍ حكوميةً أكثر فعالية وتساعد على اتّخاذ قراراتٍ أفضل وتوليد باقةٍ من الأعمال والخدمات الجديدة. وبعد طرح مدينة سان فرانسيسكو التي تُعتبَر أوّل مدينةٍ في الولايات المتحدة تملك "بياناتٍ مفتوحةً" منذ عام 2009، وأوّل مدينةٍ تضع استراتيجيةً واضحةً لها، اعتبر غامينو أنّ هذه الاستراتيجية، إضافةً إلى الابتكار في المجال التكنولوجيا، ساهمَت في تغييرٍ واضحٍ في عددٍ من القطاعات، متّخذاً من "جوجل"Google مثالاُ في ما يتعلّق بالمعلومات، و"نتفليكس" في االاتّصالات والترفيه، و"أوبير" في النقل، و"كان أكاديمي" Khan Academy في التعليم. وشدّد على أن مبادة "الحكومة المفتوحة" في سان فرانسيسكو، التي تركّز على البيانات المفتوحة ومشاركة الجميع والمصادر المفتوحة، ساهمَت في مزيدٍ من الشفافية وفي إطلاق العنان لمواهب خبراء التكنولوجيا. أمرٌ شدد عليه أيضاً نائب الرئيس الإقليمي في شركة "هوواي"، سافدير نظير Safder Nazir، معتبراً أنّ برامج البيانات المفتوحة ستكون شرارة النموّ الاقتصاديّ وعاملاً أساسياً في تحسين حياتنا.
الابتكار وريادة الأعمال
لعلّ كلّ ما قيل في هذه الفعالية يصبّ في خانة الابتكار التي تقودها حالياً البيئة الحاضنة لريادة الأعمال والشركات الناشئة في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط. وإذ نسمع مؤخّراً عبارات "إنترنت الأشياء" والابتكار، فإنّ بيئة ريادة الأعمال النشيطة إضافةً إلى دافع الابتكار، وفقاً للمدير العام لـ"مدينة دبي للإنترنت"، ماجد السويدي، ستؤدّي إلى تفجّر "إنترنت الأشياء" وتفجير كلّ الفرص التي يحملها والتي تطال كلّ القطاعات، سواء لجهة المستهلِكين أم الصناعات. وشدّد على أهمّية الابتكار مستشهداً بما قاله حاكم دبي ونائب رئيس الدولة ورئيس حكومة الامارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: "ابتكِر أو تصبح بلا علاقةٍ بعالم اليوم." واعتبر السويدي أنّ دبي تحوّلَت إلى مركز الابتكار، لاسيّما مع تصنيفها مؤخّراً الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لمؤشّر الابتكار العالمي لعام 2014. كما شدّد على ضرورة التعاون والشراكة مع شركات "إنترنت الأشياء" العالمية لأنّها ستوفّر البنى التحتية اللازمة، مضيفاً أنّ "قدرتنا على استغلال فرص إنترنت الأشياء ستساهم في تحقيق رؤية دبي لتتحوّل إلى أذكى مدينةٍ في العالم."