English

البلاستيك المرمي على شواطئ المغرب يستحقّ العيش في شاحنة صغيرة؟

English

البلاستيك المرمي على شواطئ المغرب يستحقّ العيش في شاحنة صغيرة؟

Jennifer Gadient and Fabian Wyss from the Sea Food Project

جنيفر جادينت وفابيان ويس قبالة الطابعة الثلاثة الأبعاد "ألتيمايكر". (الصورة من ألين مايارد)

عند الساعة السادسة مساءً على شاطئ تغازوت، القرية التي تقع في جنوب المغرب وتشتهر بصيد الأسماك، اقتربت منّا شاحنة صغيرة (ميني فان). هذه الشاحنة الصغيرة ليسَت عاديةً، فهي بمثابة المنزل لجنيفر جادينت وفابيان ويس، المصمّمَين السويسريَّين والعاشقَين لركوب الأمواج، كما أنّها وسيلتهما للتنقّل، ومختبرهما عالي التقنية.

عندما غادر هذا الثنائي الذي ابتكر مشروع "بروجكت سي فود" Project Seafood مدينة برن في سويسرا لينتقلا إلى شواطئ البحر المتوسط، كان أمامه هدفٌ واحدٌ، ألا وهو دراسة إمكانية استخدام النفايات البلاستيكية كموادٍ خام لطباعة أغراضٍ ثلاثية الأبعاد.

وكان ويس الذي عمل كمصّمم منتَجات، وجادينت التي عملَت كمصمّمة أزياء سابقًا، قد أمضيا فترةً قصيرةً في فرنسا، ثمّ شهرين في إسبانيا قبل أن يستقرّا اليوم في المغرب.

أينما حلّا يأخذان معهما بيتهما للطباعة الثلاثية الأبعاد. (الصورة من "بروجيكت سيفود")

مختبر للطباعة الثلاثية الأبعاد في شاحنةٍ صغيرة

بعد أنّ حوّل الإثنان الشاحنة الصغيرة إلى غرفة نومٍ لهما، بدآ يبحثان عن المعدّات اللازمة للطباعة الثلاثية الأبعاد. "قدّمَت لنا ‘ألتيمايكر‘ Ultimaker [شركة مصنّعة للطابعات الثلاثية الأبعاد] طابعةً، شرط أن نزوّدها في المقابل برأينا عن آلتها والمحتوى الذي تقدّمه،" تقول جادينت. ثمّ يضيف ويس: "أعتقد أنّ ما لفتَ انتباه الشركة كان فكرة إعادة التدوير والتنقّل: ماذا يعني ألّا يكون لك مصنَعاً، بل أن تسافر فيه؟"

ولكنّ الطباعة باستخدام النفايات البلاستيكية عمليةٌ طويلة بالنسبة للثنائي، فهما يبدآ بجمع النفايات عن الشاطئ ثمّ ينتقلا إلى تقطيع ما تمّ جمعه مرّاتٍ عدّة باستخدام جهاز تقطيعٍ يدوي، ثمّ يحوّلان قطع البلاستيك إلى خيوطٍ وحبيبات باستخدام آلة البثق extruder التي سيتم استعمالها في تشغيل عملية الطباعة الثلاثية الأبعاد.

Shredding plastic waste

أداة "فيلامايكر" Filamaker للتقطيع وقد تمّت إضافة صندوق خشبيٍّ لها، لكي يمكن تقطيع أغطية القناني من 15 إلى 20 مرّة. (الصورة من ألين مايارد)

اختبار فعلي

بالنسبة إلى هذا الثنائي، كانت التجربة بحدّ ذاتها تساوي النتائج من ناحية الأهمّية. عن هذا الأمر تقول جادينت: "قرّرنا عدم الغشّ. لم نطبع أيّ شيءٍ قبل أن نرحل، إنّما أردنا أن نطبع أوّل الأشياء باستخدام ما وجدناه على الشاطئ." 

3D printed charms

إلا أنّ ذلك لم يكن سوى الخيار الوحيد المتوفر أمامهما أصلاً، إذ لم يتلقّيا الطابعة الثلاثية الأبعاد سوى بعد شهرٍ على انطلاقهما. لذا بينما كانا ينتظران الطابعة، عمِلا على جمع النفايات البلاستيكية وتحويلها إلى خيوط، وذلك من دون أيّ فكرةٍ عن نجاح العملية أو لا. ويذكر ويس الأمر ضاحكاً فيقول: "أردنا أن نطبع بعض المنتَجات في مختبراتٍ للطباعة الثلاثية الأبعاد في إسبانيا، غير أنّهم تخوّفوا كلّهم هناك من الخطوة."

ويقول هذان الرائدان اللذان كانا يشكّكان في صحّة العملية، إنّهما لم يكونا متأكّدَين من قوّة الطابعة بما يكفي لتحمّل السفر والتواجد بالقرب من البحر. ويشير ويس إلى أنّ "الآلة التي نملكها، يمكننا جمع قطعها وتركيبها بأنفسنا وهي ثابتة فعلاً. وحتّى في حال تعطّلت قطعةٌ منها أو انكسرَت، يمكننا إصلاحها بأنفسنا. لقد اعتنينا فعلاً بهذه الآل،ة وعندما لم نكن متأكِّدين من مادّةٍ ما، لم نجرّبها."

ليست كلّ المواد البلاستيكية صالحة

كان من الصعب على الثنائي معرفة أيّ نوع من البلاستيك يمكن استخدامه، حيث يوضح ويس أنّ "التأكد صعبٌ للغاية في هذا المجال. ومن خلال مشاريع أخرى بدَت ناجحة، افترضنا أنّه يمكننا استخدام البولي إيثلين والبولي بروبلين." وذلك لأنّ ما يميّز هاتَين المادّتَين البلاستيكيّتَين هو سهولة الحصول عليهما، إذ تشكّلان مكوّناتِ غالبية أغطية الزجاجات البلاستيكية.

"كنّا نجمع كيساً مليئاً بالأغطية البلاستيكية بسرعة،" تقول جادينت مضيفةً أنّه "كلّما اتّجهنا جنوباً، كلّما عثرنا على المزيد منها." كما تلفتُ إلى أنّ جزءاً كبيراً من الأغطية كان قد خلّفه السيّاح، إضافةً إلى الأغطية التي جلبها تيار البحر إلى الشاطئ والتي تفوقها عدداً.

Jennifer Gadient picking trash

من السهل الحصول على الأغطية البلاستيكية. (الصورة من "بروجكت سيفود")

يقول ويس إنّ "ما لا نريد فعلاً استخدامه هو البولي فينيل كلوريد PVC لأنّه سامٌّ للغاية، وهو الذي إذا سخّنته يمكنك صنع القوارير البلاستيكية الشفافة. كما أنّنا ببساطة لا نملك التكنولوجيا الضرورية لذلك." ويشير ويس إلى وجود جماعةٍ ناشطةٍ جدّاً على الإنترنت يحاول أفرادها استخدام البلاستيك في أغراضٍ كثيرة وفي الطباعة الثلاثية الأبعاد، ويريدون نشر النتائج لاحقاً.

العيش في الشاحنة الصغيرة

إنّ الجانب الفنّي ليس التحدّي الوحيد الذي يواجهه هذان الاثنان في مشروعهما. فالعيش والعمل معاً على مدار الساعة في شاحنةٍ بهذا الصغر، أمرٌ لا يمكن لأيّ شخصٍ تحمّله. ولكن ويس يقول إنّه "أحياناً نستمتع بالأمر، وبأن نكون قريبَين من بعضنا ونتمكّن من مناقشة كلّ شيءٍ معاً. لا يمكنك أن تقرّر العودة إلى ديارك بكلّ سهولة. ولكنّنا أحياناً نرغب ببعض الخصوصية كلٌّ منّا بمفرده."

على أيّ حال، لا نفع من الغضب، فهو لا يُصلح شيئاً. فـ"عندما تكون في مغامرةٍ كهذه، تصل إلى نقطةٍ حيث لا يعود بإمكانك العودة، لأنّ العودة ستكون بمثابة مغامرة جديدة بحدّ ذاتها،" حسبما يقول هذا الشاب السويسري الذي يكمل أنّه "سواء عدتَ أو اتّجهتَ شمالاً أو جنوباً، سوف تُكمل الرحلة، لذا فالغضب لن يحدث أيّ فرقٍ." 

ماذا عن جني المال؟

3D printed fishes

يقوم المصمِّمان في الوقت الحاليّ ببيع مجموعةٍ من إبداعاتهما سواء عبر الإنترنت أو للأشخاص الذين يلتقيان بهما في رحلتهما، مثل مشط الشمع الخاص بألواح ركوب الأمواج والشعارات البلاستيكية وقطع الزينة الصغيرة، إضافةً إلى أنّها ينويان مستقبلاً تصميم المزيد من المنتَجات الشائعة مثل نظّارات الشمس وحلقات المفاتيح.

ويقر ويس قائلاً: "لم نتوقع قطّ جني الكثير من المال، ولكن لطالما انتابنا أملٌ بأن نجد طريقةً لضمان ديمومة مشروعنا. وما كسبناه من العملية كان التجارب الإنسانية والتبادل الفنّي وفرصة لقاء أناسٍ رائعين."

أما هذا الصيف، فسيعود المؤسِّسان الشريكان إلى ديارهما للتفكير قليلاً في مشروعهما، والتحلّي بالطاقة من جديد، والحصول على بعض التمويل والاستعداد للمرحلة التالية.  

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.