القطاعان العام والخاص في مصر يتحدان من أجل دعم 'ابتكار' لإطفاء الحرائق
يمكن للحرائق تدمير مباني أو سيّارات في دقائق وإطفائها يوفّر الأرواح والأموال. (الصورة من "إنجنيرز جاليري" Engineers Gallery)
تتعدد أسباب حرائق المركبات والمنازل، فقد تحدث بسبب تسرب الوقود أو الغاز أو وقوع حادث أو احتكاك كهربائي. لذلك تكاثفت جهود القطاعين العام والخاص وأنتجت جهاز "ابتكار" Ibticar للإنذار والإطفاء الآلي لحرائق المركبات والمنشآت.
طوّر هذا الجهاز أيمن عوض (في الصورة أدناه) وقدّمه للعالم منذ أكثر من 5 أعوام حين حصل على براءة اختراع للجهاز من "أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا" Academy of Scientific Research and Technology ، تلاها توثيق دولي من "المنظمة العالمية للملكية الفكرية" World Intellectual Property Organization في جنيف.
"تعثرت بعض الشيء بسبب الروتين وأحداث الثورة المصرية وما تلاها من حالة زعزعة في الأمن والاقتصاد، إلا أن الأمور أصبحت أفضل بكثير في العاميّن الآخرين"، يقول عوض.
يعتمد "ابتكار" على نظام متكامل كهروميكانيكي يعمل بشكل تلقائي عند حدوث الحرائق.
ويتكون من دائرة إنذار مبكر ودائرة إطفاء ذاتي، تتصلان بدائرة كهربائية تعمل عند ارتفاع درجات الحرارة. يتم توزيع شمعات الإنذار في الأماكن التي يحتمل حدوث حريق بها مثل غرفة المحرك بالنسبة للمركبات أو بجوار مفاتيح الكهرباء أو أنابيب الغاز في المنشآت.
كما ويتم وضع جهاز الإطفاء في مكان قريب من هذه الأماكن المحتمل حدوث حريق بها، وعند ارتفاع درجة الحرارة أو حدوث أي تسريب، تصدر شمعات الإنذار صوتًا مرتفعًا عبر لوحة أمامية تحدد بدقة المكان المحتمل حدوث اشتعال به.
بالتوازي، يعمل جهاز الإطفاء مصوبًا مواد إطفاء الحريق إلى الموقع المحدد على اللوحة، فيبطل احتمالية حدوث الحريق. تتيح آلية عمل الجهاز لصاحب المركبة أو المنشأة معرفة الأسباب التي أدت لاحتمال حدوث حرائق، ومن ثم معالجتها.
من جهته، حصل مبتكر هذا الجهاز على تعليم متوسط في مجال الكهرباء وكان يعمل كفني كهرباء بشركة نقل عام، فكان دائم الاحتكاك بأسباب الحرائق المفاجئة في الحافلات، ما حفزه للعمل على جهاز إنذار بالحرائق مزود بإمكانية الإطفاء الآلي بعد تحديد مكان مصدر الخطر.
ما الجديد في "ابتكار"؟
بالرغم من الوقت الطويل على إنشاءه، لا يزال هذا الجهاز يخطو خطواته الأولى في الأسواق.
"خضع "ابتكار" لتجارب متعددة ومن المنتظر أن يتم طرحه تجاريًا للمصانع والشركات والأفراد محليًا خلال شهر ونصف من الآن، لنبدأ بعد 3 أشهر تسويقه خارج مصر"، بحسب عوض الذي يفتخر بأنّ "الجهاز يصلح لوسائل المواصلات مهما كان حجمها، إذ يجري تصنيعه بأحجام مختلفة تناسب سائر وسائل المواصلات وكافة المساحات، وهو مصنوع بإمكانات مصرية 100%."
ويتابع عوض: " تتراوح تكلفة تصنيع الجهاز الواحد بين 3 ـ 5 آلاف جنيه فقط (400-700 دولار)، ما يعني أنه منخفض التكلفة في التصنيع والصيانة، وميزته التنافسية الكبرى هي أنه يعمل تلقائيًا دون تدخل بشري مع ضمان كامل لتجنب حدوث أيّ ارتفاع لدرجة الحرارة في أجزاء السيارة تفوق 70 درجة مئوية، وهو معيار عالمي لدرجات الحرارة، كما أن عملية الإنذار والإطفاء لا تستغرق أكثر من 40 ثانية".
اتحاد بين القطاع العام والخاص من أجل "ابتكار"
بلهجة بسيطة، تحدث عوض عن رحلته مع جهازه قائلاً: "عقب حصولي على براءة الاختراع مباشرة، عرضت النموذج الأوليّ على أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، فاحتضنته ودعمته بـ٢٠٠ ألف جنيه (أقل من 2500 دولار)، ثم أعد المتخصصون تصميماً صناعياً وبعد إجراء الدراسات اللازمة على المنتج، بدأ تصنيعه من خلال شركة "بنها" للصناعات الإلكترونية Benha Electronics التابعة لوزارة الإنتاج الحربي".
بدأت رحلة تطوير الجهاز من مجرد إنذار صوتي إلى جهاز إنذار وإطفاء آلي، وذلك بمساعدة جهاز تنمية الاختراعات بالأكاديمية وشركة "بنها" أيضًا، التي اعترفت بالجهاز وشرعت منذ عام في تصنيع الألواح.
وبحسب عوض، ساهمت أكاديمية البحث العلمي بتسويق الجهاز خلال معارض سنوية، لمؤسسات ومستثمرين، ما سنح فرصة توقيع شراكة مع لواء سابق بالجيش المصري، اللواء سمير غنيم، الذي قرر أن يستثمر في الجهاز، وتصنيع باقي مكوناته في مصنعه. فضلًا عن مساهماته في الجانب التسويقي للشركات والمصانع الكبرى داخل وخارج مصر.
أسس عوض مع غنيم الشركة المصرية للصناعات الابتكارية، وهو المدير الفني للشركة الآن مقابل حصة وراتب. فيما تذهب الحصة الأكبر لغنيم، وتحتفظ أكاديمية البحث بحصة 10%، بحسب عوض الذي رفض الكشف عن تفاصيل الحصص.
هل من تحالفات إضافيّة لدعم الاقتصاد؟
يتزايد الاهتمام الحكومي الآن في مصر على البحث العلمي.
رصدت الموازنة الجديدة ١٠ مليارات جنيه (أقل من مليار دولار)، موزّعة على الجامعات والمراكز البحثية، وتحصل وزارة البحث العلمي على مليار جنيه منها كميزانية داخلية. وحسب إحصاءات وزارة البحث العلمي، يبلغ عدد المراكز العلمية البحثية التابعة للوزارة والأكاديمية؛ 14 مركزًا ينُفق عليها سنوياً نحو 200 مليون جنيه. فيما يبلغ عدد مراكز البحوث والدراسات بالوزارات المختلفة 219 مركزًا وبالجامعات 114 مركزًا.
ورغم الإمكانات المحدودة للقطاع العام، إلا أن تكاتف الجهود بين الجهات الحكومية مع القطاع الخاص، وضع بالفعل جهاز "ابتكار" على أول طريق النجاح، وهو ما يتوقع أن يسهم في وقف نزيف الخسائر التي يتعرض لها الاقتصاد المصري، جراء الإعمال الإرهابية والتخريبية من جهة والحرائق الناتجة عن أخطاء بشرية أو غير ذلك من جهة أخرى.