فرص التيليماتية تقرع الباب فهل من يجيب في المنطقة؟
جهاز "جو سبارك" الذي يراقب ويتّصل. (الصورة من "جو سبارك")
أطلقت "جو سبارك" GoSparc، الشركة الناشئة التي تتّخذ من أمستردام مقرّاً لها، جهازاً باسم "سبارك" Sparc يراقب الموقع الجغرافي لوسائل النقل والركّاب والسائقين، سواء كانت هذه الوسائل شاحنة أو سيارة أو حتّى درّاجة كهربائية.
في "مؤتمر التيليماتية الشرق الأوسط وأفريقيا" Telematics Conference for the Middle East and Africa الذي جرى مؤخّراً، أشارَت الشريكة المؤسِّسة لـ"جو سبارك"، شارلوت الدرويش، إلى أنّ هذه الشركة جذبَت مستهلكين من الشركات في كلّ أنحاء أوروبا، منها "سافاك" Savac وهي شركة باصات فرنسيّة تستخدم جهاز "سبارك" لتراقب سائقيها وتمنعهم من القيادة بسرعة. وشرحَت السبب وراء ذلك قائلةً إنّ "هناك قوانين مختلفة في فرنسا لمخالفات السرعة... مثلاً إذا حصلتَ كموظّفٍ على غرامةٍ بسبب مخالفة سرعة، فإنّ الرئيس التنفيذي يدفع كثيراً من المال، أو يخسر نقاطاً. لذلك، من المهمّ جدّاً معرفة من يقود سيّارات الشركة."
كذلك، يبدو أنّ الأوروبيين يحظون بشعبيةٍ أيضاً؛ ففي هذا المؤتمر لم تدّعِ أيّ من الشركات الناشئة الثلاثة المتنافسة بهدف التشبيك في المنطقة والحصول على استثمارات بأنّها متواجدة أو عامِلةٌ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في هذا الإطار، أضافَت الدرويش أنّ الهولنديين يستخدمون جهاز "سبارك" أيضاً. وشرحَت ذلك بأنّ "المبادرات للحدّ من زحمة المرور في ساعات اختناق السير في هولندا كثيرة؛ فعلى سبيل المثال، تقوم احدى المبادرات على تقديم الحكومة الأموال للأشخاص الذين لا يتنقّلون في هذه الساعات؛ ولهذه الغاية، يستخدمون جهاز ’سبارك‘."
بالرغم من أصولهم الأوروبيّة، بدا واضحاً أنّ كلّ شركةٍ ناشئةٍ مشاركةٍ في مؤتمر هذا العام تهدف إلى المغامرة في أبعد من أسواقها الحاليّة، وأنّها جاءت إلى هذا المؤتمر من أجل بناء العلاقات والتشبيك في المنطقة.
تحدّث مؤسِّس "دينامون" Dynamon في بريطانيا ومديرها، أنجوس ويب، بشغفٍ وحماسة مع المشاركين في المؤتمر حول القيمة المضافة التي تقدّمها خدمته في مجال التيليماتيّة، حيث أنّها تطبّق خوارزميّة "لتقديم نصائح لشركات النقل بناءً على كيفيّة استخدامهم لسياراتهم من أجل تخفيض استهلاك الوقود."
توقّع ويب أن تشكّل خدمة "دينامون" - وهي في مرحلة التجارب حاليّاً - استثماراً جذّاباً لشركات التيليماتيّة في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتزويد شركات المركبات التجارية بها. قال: "في هذه الرحلة، تعرّفتُ على عددٍ كبيرٍ من الناس، وتحدّثَتْ إليّ الشركات التيليماتيّة التي كنت أطمح للقائها وأبدَتْ عن اهتمامها [بالمشروع]."
في غضون ذلك، ووسط تخفيض الدعم على أسعار الوقود في بلدان مجلس التعاون الخليجي، يبدو أنّ خدمة مثل "دينامون" تتماشى مع مبادرات الاستخدام الفعّال للطاقة في الإمارات.
3x1 minute networking at #TCMEA16 pic.twitter.com/ZPulr4WIVh
— TelematicsConference (@TelematicsConf) March 3, 2016
سوق حرّة؟
من الواضح أنّ هذه الشركات الناشئة تسعى إلى توسّعٍ عابر للحدود، ولكنّ السؤال الأساسي يبقى ما إذا كان قطاع التيليماتيّة في الإمارات يريد القيام بذلك أيضاً. هل تعرف هذه الشركات ما عليها تقديمه خارج أسواقها المحليّة؟
بحسب الرئيس التنفيذي لـ"بي موبايل" Be-Mobile لحلول مراقبة حركة المرور، جان كولز، فإنّ قطاع التيليماتيّة في الإمارات لم يصل بعد إلى كامل قدرته الجغرافيّة.
وعن الإمارات التي تتمتّع بموقعٍ مميّزٍ ومفيدٍ يعود إلى مزيج من البنى التحتيّة الجيّدة والموقع الاستراتيجي لهذا البلد القريب من أوروبا وأفريقيا والشرق الأقصى، قول كولز إنّه "إذا كان بوسعهم حثّ أهل البلد أو الأجانب على بناء ابتكاراتهم هناك، تصبح البيئة ملهمة جدّاً [...] لذلك، أرى الكثير من الفرص [لهذا البلد]".
تتخذ "بي موبايل" من بلجيكا مقرّاً لها، ولكن وفقاً لكولز، فإنّ " [أوروبا] ليست دائماً المكان الأمثل [للعمل]"، فهو يعتبر العمل في مكان مركزّي استراتيجي كالإمارات مثالياً للشركات مثل "بي موبايل" إذ أنّها تسهّل الوصول إلى أفريقيا والشرق الأوسط.
من جهةٍ أخرى، قد يأخذ الروّاد في مجال التيليماتيّة في الإمارات بعض الوقت قبل أن يستفيدوا من موقعهم الاستراتيجي ويتوسّعوا إلى أبعد من ‘منطقة راحتهم‘ الإقليميّة. فقد شهد الرئيس التنفيذي لشركة "سامتيك ميدل إيست" SamTech Middle East، سمير عبد الهادي، على نموّ شركته في كافة أرجاء الخليج خلال 35 سنة من العمل فيها. وعن ذلك قال إنّ "لدينا مكاتب في السعوديّة ووكلاء في عمان، كما نسعى لافتتاح مكتب في قطر وفي بلدان مختلفة مجاورة. بعدها، إذا كنّا أقوياء في الخليج، قد نتوسّع إلى الخارج. لا يمكننا الاستعجال، علينا التقدّم خطوة تلو الأخرى."
فيما تنخفض أسعار الوقود ويُرفع الدعم، سوف تتشجّع بلدان مجلس التعاون الخليجي على بناء تكنولوجيا تروّج وتطوّر الكفاءات الاقتصاديّة economic efficiencies. أمّا بعد حضور هذا المؤتمر، فقد يتساءل المرء ما إذا كانت شركات التيليماتيّة في الإمارات ستغتنم هذه الفرصة للابتكار والتوسّع الإقليمي، أو أنّ الشركات الناشئة الأوروبيّة الصغيرة ستسبقها إليها.