علم البيانات: كيف يمكن أن تستفيد منه الشركات؟
هل يمكن لشركتك أن تستفيد من علم البيانات؟ (الصورة لعلمي/كارول ومايك ورنر)
"البيانات هي النفط الحديث" بحسب خبير البيانات الضخمة دايفيد باكنغهام الذي يضيف أنّه "علينا إيجادها، ومن ثمّ استخراجها وصقلها وتوزيعها وتحقيق الأرباح."
من أجل تطبيق هذه العمليّة وتطوير التكنولوجيا اللازمة لتحقيقها، يجب توظيف قوى عاملة. لذلك، نشأت وظيفة "علم البيانات" التي تُعنى بإدارة واستخدام الكمّ الهائل من البيانات التي يُنتِجها الناس.
يُنتجِ العالم بياناتٍ تساوي 2.3 تريليون جيجابايت يوميّاً، بحسب الإنفوجرافيك الذي نشرته "أي بي أم" IBM منذ ثلاثة أعوام. لهذا السبب، يتحوّل علم البيانات يوماً عن يوم إلى أداة أساسيّة؛ ليس فقط لأنّ البيانات متوفّرة بكميّات هائلة ولأنّها غير منظّمة، بل لأنّه مع احتمال توثيق الأفعال يمكننا مراقبة سلوك الإنسان اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى.
في حديثه مع "ومضة"، يقول علي رباعي إنّه "في حين تسيطر أنماطاً على التغييرات في ثقافة الناس وشؤونهم، يركّز علم البيانات على فهم هذه الأنماط العالميّة والاستفادة منها علميّاً وفلسفيّاً (وتحديداً ميتافيزيقيّاً)."
كيف يمكن للشركات أن تستفيد من علم البيانات؟
غالباً ما يركّز علماء البيانات على البيانات التي تكشف عن سلوكيّات العملاء بوضوح في الأرشيف، ويبحثون عن أنماط خفيّة يمكن استخدامها لبناء خوارزميّات. فعلى سبيل المثال، يدرس علماء البيانات في مجال الاتصالات تاريخ العملاء الذين تخلّوا عن خدمات شركتهم لمحاولة إيجاد الأنماط التي تشرح لماذا قاموا بذلك.
وبعدها تطبّق الخوارزميّة على مجموعات مختلفة من البيانات لإنتاج تحليلات تنبؤيّة predictive analysis عن العملاء الذين يُحتمَل أن يتخلّوا عنهم. وفي نهاية المطاف، تسمح التنبؤات للشركة بإصلاح استراتيجيّة التسويق الخاصّة بها بما يتناسب مع نتائج دراسة البيانات:
1- اكتساب العملاء Customer acquisition. في قطاع التجارة الإلكترونيّة، يركّز علم البيانات على اكتساب عملاء جدد من خلال الإعلانات الموجّهة التي تعتمد على تنبؤات الخوارزميّة حول ذوق العميل.
2- الاحتفاظ بالعملاء Customer retention. يمكن لشركة اتصالاتٍ مثلاً أن تَستخدم علم البيانات لتوقّع نسبة تخلّي العملاء عن خدماتها churn rate والتواصل مع عملائها غير الراضين لتحسين تجربتهم. هذا ما يؤكّد عليه عالم البيانات في "شركة الاتصالات السعوديّة" STC، فاتح باقيوة، إذ يشرح أنّهم حاولوا زيادة نسبة الاحتفاظ بالعملاء وتخفيض تخلّي العملاء عن خدماتهم من خلال استهداف العملاء الذين من المتوقّع أن يحدّثوا أو يتخلوّا عن الخدمة بحملات موجّهة مخصّصة.
من جهته، يذكر عالم البيانات في منصّة "بلو كانجورو" Blue Kangaroo للمساعدة على التسوّق، محمود جلاجل، أنّ "النظام يتعلّم سلوك العميل ويجعل تجربة المستخدِم شخصيّة أكثر؛ على سبيل المثال، إذا كان اهتمامك ينصبّ على الإلكترونيّات بدلاً من الملابس ستكون الأخبار اليوميّة التي تصلك مرتبطة بالأجهزة الإلكترونيّة عوضاً عن الملابس."
في حين يعتبر بعض العملاء أنّ هذه الاستراتيجيّة تحدّ من خياراتهم، يقول جلاجل إنّه "بالرغم من أنّ هذه المخاوف محقّة، إلّا أّننا [في ’بلو كانجورو‘] نحاول أن نحافظ على التوازن بين الأخبار الموجّهة والإكتشاف."
كذلك، يذكر جلاجل أنّ علم البيانات زاد من فعاليّة الإعلانات وقلّص من تكلفتها، حيث سمح بمراقبة العملاء وتوجيه الإعلانات لهم عبر الذكاء الآليautomated intelligence.
أحدث علم البيانات ثورة في الإعلانات من خلال التركيز على سلوكيات العملاء عوضاً عن تركيبتهم السكّانيّة، بحسب جلاجل. وبالتالي بات ما يستحوذ على اهتمام أيّ شركة هو معرفة ما إذا كان الطالب الجامعي البالغ من العمر 20 عاماً، والذي يشكّل أحد عملائها، ينتمي إلى فئة محبّي الملابس أو أنّه يفضّل رياضة "الكك بوكسينج" مثلاً.
3- تحقيق الأرباح والاستفادة من التوقّعات. على الرغم من أنّ الشركات تلجأ إلى البيانات لاكتساب عملائها والاحتفاظ بهم بفعاليّةٍ أكبر، يمكن أيضاً استخدام البيانات كغايةٍ وليس وسيلة.
تعتمد توقّعات الطقس مثلاً على البيانات بشكلٍ أساسي، ولا معنى لها من دون أرقام. وفي الحالات الأخرى مثل الاتصالات، يمكن استخدام البيانات لاستنتاج توقّعات ومعلومات يمكن بيعها إلى شركات مهتمّة أخرى.
يعتقد باقيوة أن بيع البيانات، بخاصةٍ للبائعين بالتجزئة، يحلّ مشكلة مثيرة للقلق يواجهها قطاع الاتصالات. فإيرادات شركات الاتصالات تقلّ يوماً عن يوم إذ أنّ العملاء لم يعودوا يعتمدون على المكالمات الهاتفيّة التي تعتبر أكبر مورد إيرادات لها، بل يستبدلونها بوسائل التواصل الاجتماعي. وبالتالي، على شركات الاتّصالات أن تجد طرقاً إضافيّةً لجني الأموال والبيانات تشكّل إحدى هذه الطرق.
التحدّيات ونطاق العمل
بنَتْ شركة "طقس العرب" Arabia Weather نظاماً خاصاً بها لإدارة البيانات لأنّها مضطرّة لمعالجة 16 تيرابايت من البيانات يوميّاً. ويشير الشريك المؤسِّس، يوسف وادي، إلى أنّ "استيعاب الناس لما هو علم البيانات يأخذ وقتاً طويلاً"، كما أنّ هذا العلم يتطلّب مجموعةً من المواهب التي كانت غائبة عن الأردن لكّنها تنمو شيئاً فشيئاً.
بدوره، يؤكّد علي سيد، مؤسِّس المنظّمة التي لا تبغى الربح والتي تستضيف "داتا ساينس ميدل إيست" Data Science Middle East في دبي، "بورسنتايل" Persontyle، على الطلب المتزايد الذي يتكلّم عنه وادي.
ويقول إنّ "هناك طلباً كبيراً على المهارات القائمة على البيانات في السوق المحليّة. [ومع علم البيانات]، سوف يحظى الناس بوظائف أفضل، ما سوف يؤدّي إلى تنمية اقتصادية اجتماعيّة."
بالرغم من أنّ علم البيانات لا يزال في مراحله الأولى، تنبّه عددٌ كبير من المنظّمات والشركات حول العالم إلى أهمّيته؛ ومن هذه الشركات: "داتا ساينس بوتكامب" Data Science BootCamp من "الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح" JOSA في الأردن، و"داتا دريفن إنوفايشن" Data Driven Innovation في مصر، و"داتا أورورا" Data Aurora و"كي دي دي" KDD في كاليفورنيا، و"سمارت داتا ساميت" Smart Data Summit في دبي، و"بيج كلاود" Big Cloud، و"ستور أي تي" StorIT و "كوانت" Quant.