السياحة البيئية باتت ممكنة في قلب صحراء الإمارات
تتصدر دبي وأبوظبي لائحة المدن الأكثر استدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رغم أنّها في المرتبة 52 و58 على التوالي في الترتيب العالمي لهذه الفئة. وتحظى المدينتان بمهلة تصل إلى خمس سنوات لجعل الإمارات الدولة الأولى عالمياً في استمرارية التنمية المستدامة بحلول عام 2021.
لهذه الغاية، تعاونت "إيكو ريزورت جروب" Eco Resort Group، المتخذة من دبي مقراً لها، مع بهاراش باجيربان وهو مهندس معماري ومدير تصميم في لندن، لإطلاق منتجع "واحة إيكو" Oasis Eco Resort في صحراء ليوا في عام 2020.
يشير بيلاش باجيريان، الشريك المؤسس لـ "إيكو ريزورت جروب" وشقيق بهاراش، إلى أنّ هذه الشركة تختصّ ّباستملاك الأراضي وتطوير منتجعات بيئية تساهم في تنشيط السياحة المراعية للبيئة والمجتمعات والثقافات tourism low impact في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام.
بدوره، يشرح بهاراش لـ"ومضة" أنّ "هذا المشروع مفيد جدّاً للبيئة من حيث إعادة تدوير مياه الصرف الصحي واستخدامها للري، وإدارة النفايات في الموقع، وإيجاد منطقة منعدمة الانبعاثات، وتركيب ألواح شمسية على مساحة 157 ألف قدم مربع (14585 متراً مربعاً تقريباً)."
يفترض بناء هذا المنتجع حول نبع يسمّيه بهاراش "قلب المنتجع"، وقد صمم بشكل يشجّع النشاطات البيئية ecological activities مثل ركوب الخيل وركوب الدراجات الهوائية على الكثبان الرملية. كما سيتضمّن مطعماً يقدّم مأكولات عضوية يتمّ زراعتها في الموقع.
يسعى هذا المشروع إلى الدخول والاستفادة من مجال السياحة الذي يعدّ من أكثر المجالات نجاحاً في الإمارات. فقد ورد في تقرير "المجلس العالمي للسفر والسياحة" World Travel & Tourism Council (WTTC) أنّ الإمارات حققت إيرادات تقارب 95.5 مليار درهم إماراتي (حوالي 26 مليار دولار) من "إنفاق السياح الدوليين" visitor exports في عام 2015، وهي الأموال التي يدفعها السياح في بلدٍ ما خلال رحلاتهم.
يلفت بهاراش إلى أنّ "السياحة التقليدية غير المنضبطة تضر المناطق الطبيعية، حيث أن الضغط الزائد على هذه المنطقة يؤدي إلى تلوث البيئة وتآكل التربة وفقدان الموائل الطبيعية والأنواع المهددة بالانقراض، كما يسبب ضغطاً على الموارد المائية ويجبر السكان على التنافس لاستخدام الموارد الحيوية." لذلك، "فإنّ توجيه قطاع السياحة النامي بسرعة في الإمارات نحو الاقتصاد الأخضر green economy، من خلال الاستثمار بالسياحة البيئة، لم يعد خياراً ... بل أصبح حاجةً."
لكنّ بناء منتجعٍ بيئي لا يخلو من التحديات، إذ يتوجّب على البناة مراقبة إمدادات الطاقة ليتأكّدوا من أنّ المعدّات التي تمّ تركيبها مناسبة بيئياً واقتصاديّاً. كما أنّ عدد المتجمعات البيئية المحدود في العالم، وبالتالي قلّة المراجع في هذا الإطار، يؤدّي إلى معضلات أخرى متعلّقة بمعايير هذا التصنيف.
"[علينا أيضاً أن نحرص على] أن يكون المنتجع محميّة لحماية الأنواع المختلفة من الحيوانات البريّة في ليوا. لذلك، سيكون بأكمله خالياً من الانبعاثات، أي أنّ السيارات التي يسمح بدخولها إلى المنتجع ومحيطه هي تلك المنعدمة الانبعاثات والتي لا تلوّث الجوّ،" حسبما يقول بهاراش.
من جهة أخرى، ليس منتجع "واحة إيكو" مشروع التنمية المستدامة الوحيد في الإمارات. ففي مطلع هذا العام، انتقل أوّل سكّان "المدينة المستدامة" The Sustainable City في دبي إليها، وكان بهاراش الشهير قد عمل على تصميمها أيضاً.
من ثمّ في حزيران/يونيو، أعلنت "هيئة كهرباء ومياه دبي" Dubai Electrical and Water Authority عن نتيجة المناقصة لتنفيذ المرحلة الثالثة من مجمّع الطاقة الشمسية الذي يطمح لأن يكون أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم. يخطط هذا المجمّع لإنتاج 5000 ميجاوات بحلول عام 2030، ما يكفي لتزويد 800 ألف منزل بالطاقة، باستثمارات تصل قيمتها إلى 50 مليار درهم (أي 13.6 مليار دولار).
بالإضافة إلى ذلك، بدأ معرض "إكسبو 2020" بالعمل على بناء "جناح الاستدامة" Sustainability Pavilion الذي ستظّل أبوابه مفتوحة بعد انتهاء مدّة المعرض ويتحوّل إلى مَعلمٍ في المدينة.
في هذا العام أيضاً، وقّعت "دائرة السياحة والتسويق التجاري" Department of Tourism and Commerce Marketing في دبي اتفاقات مع كلّ من "الاتحاد لخدمات الطاقة" Etihad ESCO و"كربون دبي" Dubai Carbon و"مجموعة عمل الإمارات للبيئة" Emirates Environmental Group (EEG) و"جمعية الإمارات للحياة الفطرية" Emirates Wildlife Society-WWF، وذلك بهدف "الحدّ من البصمة الكربونية Carbon footprint؛" وهذا ما تسعى مطارات دبي إلى القيام به أيضاً.
أخيراً ومن أجل إشراك بلدان العالم في هذا التوجّه، خصصت الإمارات خلال السنوات الستة الماضية 3.1 مليار درهم (أي 840 مليار دولار) لمشاريع الطاقة المتجددة في أكثر من 30 بلداً.
ينهي بهاراش حديثه موضحاً الالتباس القائم على ضرورة أن تكون المشروعات الصديقة للبيئة كبيرة، ويقول إنّه ما من حاجة لمشروعات كبيرة عند بناء المجتمعات؛ على العكس، إنّ التفكير على نطاق صغير يسمح للشركات الخاصة بأن تستثمر في القطاع؛ وبالتالي، يزيد من الفرص الاقتصادية.
كما يشدد على أّنّه "لبناء مشاريع ناجحة في مجال السياحة البيئية، يجب تمكينَ السكان المحليين وإطلاق مشاريع ريادية من الأسفل إلى الأعلى إذ أنّ بناء وجهة سياحة بيئية يتطلّب مقاربة شمولية كاملة."