آشوكا الوطن العربي تعزّز تواصل الرائدات الإجتماعيات بالإعلام العربي
في ظل انشغال المسؤولين بالمنطقة العربية بهموم مجتمعية مُلحة بسبب الأزمات السياسية والإقتصادية المتلاحقة، ارتفع تزامناً عدد النساء اللواتي يأخذنٌ زمام المبادرة في معالجة مشاكل مماثلة.
وبطبيعة الحال، تواجه بعض الرائدات الإجتماعيات عدداً من التحديات في الوصول إلى وسائل الإعلام لتسليط الضوء على قصص نجاحهن، وتحقيق انتشار أوسع في مجتمعاتهنٌ لتشجيع المزيد من الشباب على إطلاق مبادرات شبيهة.
وتزامناً مع الإحتفال بيوم المرأة العالمي في أوائل الشهر الماضي، نظمت "آشوكا الوطن العربي" Ashoka Arab World فعالية "الرائدات الإجتماعيات في الإعلام العربي" في القاهرة، لمناقشة كيفية وصول الرائدات إلى الإعلام، لاسيما في ظل المشهد السياسي.
وكون "آشوكا" مؤسسة عالمية تهدف إلى دعم الرواد الإجتماعيين في صناعة التغيير الاجتمعي، تأخذ على عاتقها مهمة خلق مجتمع متكامل للرواد الإجتماعيين، لتسليط الضوء على التحديات التي تواجههم، وتعريف الإعلام والمستثمرين والحكومات بمشاريعهم وأهدافها.
وبشكل عام، فالرائد الإجتماعي هو رائد أعمال يتبنى مشكلة إجتماعية بعينها ويحاول التصدي لها من خلال مشروع ناشىء، قد يكون في بعض الأحيان لا يستهدف الربح.
وشهد الجزء الأول من الفعالية انعقاد ثلاث جلسات عمل متوازية؛ ناقشت الأولى مشكلة الرائدة الإجتماعية مع قنوات الإعلام العربي المختلفة (المرئية والمقروءة والرقمية). فيما تناولت الجلسة الثانية أحدث أساليب التمويل وكيفية التعاطي معها بما يحقق الصالح العام للرائدات الأجتماعيات. أما الجلسة الثالثة فدار موضوعها حول الأستدامة المالية لمبادرات الريادة الإجتماعية.
وناقشت الجلسة الأولى سبل وصول الرائدات الإجتماعيات إلى الإعلام. واقترحت الإعلامية حنان سليمان، وهي زميلة بطاقم تحرير ومضة، خلال تنسيقها الجلسة ان "التواصل مع الصحفيين والمراسلين على مواقع التواصل الإجتماعي مهم لتعريفهم بالمشروع، مع انتقاء الصحف أو المنصات المعنية بقطاع الريادة، وإنشاء مدونات Blogs تضم معلومات كافية عن المبادرة الإجتماعية باللغة العربية لكونها مشاريع تتناول مشاكل إجتماعية مُلحة".
كما تناولت الجلسة دور الإعلام، إذ تؤمن الرائدات بضرورة أن يرعى الإعلام المرئي والمقروء فكرة الأعمال الريادية والإجتماعية بالتحديد من خلال الفضائيات والصحف المطبوعة. "أتمنى ان أرى المزيد من الإعلام غير السياسي فالساحة حتى الآن خالية من الصحف المطبوعة المعنية بريادة الأعمال، كما تخلو من برامج قوامها فكرة الريادة إلا من برنامج "قوم يا مصري" Oum Ya Masry الذي يُعرض على قناة (أون تي في) ONTV، وبرنامج المشروع El-Mashrou3 على قنوات (النهار)، وبرنامج (رائد أعمال)الإذاعي"، قالت رانيا فهمي المدير التنفيذي لمؤسسة "بناتي" Banati، وهي مؤسسة تستهدف حماية البنات المهددات بخطر اللجوء إلى الشارع، لأسباب تتعلق بعنف أسري أو لفقدان عائلهنٌ.
وعلى صعيد الإعلام الرقمي في المنطقة، قالت سلمى الحريري، المؤسس الشريك لمؤسسة "بي آي تي إم إي" PITME العالمية التي تهدف لشحذ المجتمع الريادي بالمنطقة: "أتمنى أن يصبح لدينا منصات تتيح التعريف بالشركات الناشئة في المنطقة للمساعدة على خلق حالة تفاعلية من التشبيك بين الرواد والمستثمرين والمواطنين المعنيين".
وبدوره، قام نيما عادلخاني، المؤسس الشريك لرنامج التقدم في مجال التكنولوجيا في الشرق الأوسط PITME، بتلخيص نتائج الجلسة شارحة: "خلصنا إلى أن التمويل الجماعي بكل معطياته الآنية ونجاحاته المثبتة فعلياً هو أكثر أشكال التمويل الحديثة مواءمةً مع توجه الريادة الإجتماعية، لكونه أشبه ما يكون بفكرة الزكاة في العالم العربي والإسلامي. فالممول سيدفع جزء من ماله ليسهم في حل مشكلة إجتماعية ما، كما ان التمويل الجماعي يعتبر بمثابة حملة تسويقية تساعد على نشر الفكرة إلى جانب عنصر التشبيك والتواصل من خلال شبكة المعارف والأصدقاء. هذا بالإضافة إلى اهمية نشر فكرة التطوع بين الشباب، لكونها توفر في عنصر العمالة المدفوعة".
أما الجلسة الثالثة والأخيرة، فتناولت الإستدامة المالية لمبادرات الريادة الإجتماعية ومؤسسات القطاع المدني. فتطرقت الجلسة إلى الفرص المتاحة والتحديات المرتبطه بخلق نماذج عمل تمزج بين العمل الإجتماعي و التجاري.
واتفق الحضور على ضرورة أن يبدأ الرائد الإجتماعي في وضع نموذج عمل واضح من اللحظة الأولى، بدل الاعتماد على العملاء أو التبرعات والمؤسسات الخيرية. "يركز دور الرائد الإجتماعي على البحث في احتياجات السوق لسد الثغرات المحتملة، وتدشين نشاطات منبثقة، ثم تسويقها"، قال مارك نيلسون المؤسس الشريك "لستانفورد بيس انوفيشن لاب" Stanford Peace Innvotaion Lab، وهي شبكة عالمية لدعم ريادة الأعمال المجتمعية.
أما الجزء الثاني من الفعالية فتتضمن عرضاً لفيلم وثائقي قصير استعرض أربعة نماذج لمبادرات إجتماعية تقودها رائدات، وشملت:
1. جمعية ألوان وأوتار Alwan Wa Awtar لعزة كامل، وهي جمعية غير حكومية تهدف إلى تمكين الأطفال والشباب وتنمية مهاراتهم وقدراتهم الفكرية والإبداعية من خلال الفنون وأساليب التعلُّم غير التقليدية.
2. إذاعة "بنات وبس" Banat Webas، لأماني التونسي، وهي أول قناة إذاعية مصرية عبر الإنترنت تناقش مشاكل البنات والتحديات الإجتماعية التي تواجههنٌ على غرار قضايا التحرش والإغتصاب والعنف ضد المرأة وتردي مستوى التعليم. ونجحت المبادرة في علاج 60 فتاة مدمنة والوصول بهنٌ إلى بر الأمان.
3. جمعية قلب كبير Qalb Kabeer، للريادية فيروز عمر، وهي مبادرة لتنمية الأسرة من خلال دعم الاستقرار النفسي و الاجتماعي لكل أفرادها، ولاسيما الأبناء في سن المراهقة.
4. مؤسسة الشهاب للتطوير والتنمية الشاملة Al Shehab institution for Promotion and Comprehensive Development، لرضا شكري، وهي مبادرة إجتماعية تضم مجموعة من الشباب والمتطوعين والنشطاء المعنيين بالعمل الأهلي. وتهدف إلى تنمية المناطق العشوائية والفقيرة لتمكين قاطنيها من مواردهم ودعمهم نفسياً في سبيل ذلك.
وانتهت الفعالية بكلمة لكلٍ من أماني عصفور،رئيس اتحاد سيدات الأعمال العالمي، وأول سيدة مصرية ترأس مجلس أعمال الكوميسا (السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا)،هبة جمال المدير الإداري لمؤسسة "انديفور مصر" Endeavor Egypt، مروة الدالي مؤسسة ورئيسة مجلس أمناء "وقفية المعادي" Waqfeyat Al-Maadi. ونسّقت هالة حطاب، محاضر في إدارة الأعمال بالجامعة البريطانية في مصر، والحاصلة على الدكتوراة في "الريادة النسائية للأعمال"، الحوار بين الرائدات الثلاثة البارزات، واللواتي أجمعنٌ على أهمية إيمان الرائدة بفكرتها، والمثابرة من أجلها، والبحث عن ذوي الخبرات في كل مجال للإستفادة من تجاربهم، والإهتمام بعنصر استهداف الربح من أجل الإستدامة.
فهل تتمكن الرائدات الإجتماعيات في مصر من تفعيل تلك الإرشادات على الأرض لتحقيق نجاحات مُرضية لطموحاتهنٌ في المستقبل القريب؟