عربي

شركات ناشئة تحاول فكّ عقدة قطاع النقل في المغرب‎

English

شركات ناشئة تحاول فكّ عقدة قطاع النقل في المغرب‎

لطالما كانت مشاكل المواصلات مصدر إلهامٍ لروّاد الأعمال التقنيين العرب، الذين يبحثون عن مشاكل لحلّها.

في وقتٍ يمكن للقليلين فيه تحمّل تكاليف امتلاك سيّارة، وما زال فيه النقل العام بعيداً كلّ البعد عن الكفاءة اللازمة، فإنّ التنقّل في معظم البلدان العربية لا يزال يشكّل معضلةً حقيقية. غير أنّ إطلاق خدمات نقلٍ ناجحةٍ في أوروبا، بدأ يساعد البعض على التنقّل بحرية أكبر.

في السنوات القليلة الماضية، شهدَت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ازدهاراً في تطبيقات سيّارات الأجرة والسائقين الخاصّين، سواء في مصر أو السعودية أو الإمارات العربية المتّحدة، كما وفي خدمات مثل الباصات الخاصة private shuttles وتاكسي القوارب boat-taxi وتشارُك السيارات carpooling في مصر.

وفيما بدأ المغاربة ينضمّون الآن إلى هذا التيار، إليكم في ما يلي الشركات الناشئة التي قد تُحدِث نقلةً نوعيةً في قطاع المواصلات في المغرب عام 2015.

وصول تشارُك السيارات إلى المغرب

يساعد تشارك السيارة مع الآخرين على خفض تكاليف التنقّل، كما والوقت الذي يتمّ هدره في زحمة السير. وتحظى هذه الخدمة الآن بنجاحٍ ضخمٍ في أوروبا، إلى درجة أنّ "بلا بلا كار" Blablacar نجحَت مؤخّراً في جمع مبلغ 100 مليون يورو. وبالتالي، لم يَطُل الأمر حتى سارعَت إحدى الشركات الناشئة المغربية لتجرّب حظها في هذا القطاع، ولكنّ عائقاً صغيراً تمثّل في هذا الأمر: الدفع لسائقٍ غير عموميٍّ يُعدّ أمراً غير قانونيٍّ في المغرب.

لذا سعى فريق "كاربولي" Carpooli، الخدمة التي انطلقَت في سبتمبر/أيلول 2014، لاعتماد نموذج المساهمات. الخطوة الأولى: يشارك السائق مقاعده الشاغرة مع أفراد مجتمعه. الخطوة الثانية: يدفع الركّاب مساهمتهم في تكاليف الرحلة عبر الإنترنت. الخطوة الثالثة: تعطي "كاربولي" جزءاً من المساهمة إلى السائق على شكل رصيدٍ لتعبئة الوقود في إحدى محطات "توتال" Total. وهكذا يخوّل هذا النظام أن يتلقّى السائق أجره من دون تقاضي أي مال، وفقاً للشريك المؤسِّس محمد برادة السوني.

 

ومع ذلك، يوجد تحدٍّ ثانٍ أكبر بعد، إذ يقول برادة السوني: "لطالما أعرب المغاربة عن تردّدهم بشأن تشارك السيارات." ولذلك سعى رائد الأعمال إلى استراتيجيةٍ شبيهةٍ باستراتيجية "فايسبوك" Facebook، متيحاً الخدمة لطلّاب "جامعة الأخوَين" فقط في البدء. وحالما يلاقي النجاح هناك، سوف يُطلق الخدمة في مجتمعاتٍ صغيرةٍ أخرى.

ويقول الشريك المؤسِّس، إنّ الخدمة التي ما زالت تحتاج إلى بضعة أسابيع من الاستعداد، تمتلك أكثر من 500 مستخدمٍ في "جامعة الأخوَين".

تسهيل طلب سيّارة أجرة

كما سبق وشرحنا في الشهر الماضي، سوف يكون عام 2015 عام تطبيقات سيّارات الأجرة في المغرب، وهو قطاعٌ قد يتحوّل إلى سوقٍ ضخمةٍ فعلاً، سوقٌ تأمل أن تخترقه تطبيقاتٌ أمثال "تاكسي" Taxiii و "آي تاكسي" iTaxi، وهما شركتان ناشئتان انطلقتا هذا العام بنهجٍ أفريقي.

 

بعد شهرٍ واحد على انطلاق هذين التطبيقين، بات لديهما منافسٌ جديدٌ هو "فوتر شوفور" Votrechauffeur.ma التي تسعى للتركيز على السيّارات الخاصة. ويقدّم سائقو هذه الخدمة الجديدة خدماتٍ مرتبطةً بالرحلات داخل المدن والنقل إلى المطار بالباص والمواصلات بين مدينة وأخرى والجولات السياحية. هذا ولا تملك الشركة في الوقت الحاليّ سوى باصاتٍ صغيرةً mini-van تنطلق من الدار البيضاء، غير أنّها تستعدّ لإطلاق سيّاراتٍ اقتصادية وفاخرة أيضاً.

تأجير السيارات بالساعة

مثلما تعمل "زيب كار" Zipcar التي أصبحَت شهيرةً الآن في الولايات المتحدة و"أورو ليب" AutoLib في فرنسا، تسعى "كارماين" Carmine بدورها إلى إتاحة خدمة تأجير السيّارات بالساعة للمواطنين في المغرب، على مدار الساعة وطوال أيّام الأسبوع في الدار البيضاء. أمّا من حيث الجوانب التقنية والإدارية والتواصلية، فما زال المشروع غامضاً جداً.

يستهدف مؤسِّس "كارماين" محمد مراني علوي مَن لا يمكنهم تحمّل تكاليف شراء سيّارة، إذ كما أخبر "ومضة"، يكلّف امتلاكُ سيارةٍ في المغرب ما معدّله 7 آلاف درهم (ما يعادل 700 دولار في الشهر) بما فيه الإيجار والتأمين والضرائب والموقف وقيمة استهلاك السيارة. كما تتوجّه الخدمة أيضاً إلى الذين يحتاجون السيارة من وقتٍ إلى آخر وحسب، وليس بشكلٍ دائم. 

وكما معظم الخدمات التي سبق ذكرها، تمّ بناء برنامج "كارماين" على يد جهةٍ دوليةٍ وبتمويلٍ من مدَّخرات المؤسِّس الخاصّة. وهذه الخدمة التي سوف يتمّ إطلاقها في 2 آذار/مارس، ستكون الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تسهيل استئجار السيارات

في الوقت الذي تتصدّى فيه معظم الخدمات للرحلات داخل المدن، تأمل "لو أون فواتور" Loue1Voiture (Book1Car "بوك وان كار" أو احجز سيارة) أن تسهّل عملية إيجار السيارة للنهار بأكمله لمغادرة المدينة أو الذهاب في رحلات أطول.

ومن جهتها، تركّز المؤسِّسة نور دريسي في الوقت الحالي على هذه الشركة الناشئة التي تعمل كمنصّةٍ تتيح للمغاربة حجز السيارات في الخارج. وتمّ تطوير خدمة الوساطة هذه التي تمّ إطلاقها في شباط/فبراير 2014، بشراكةٍ مع محرّك الحجوزات العالمي "كار تراولر" Cartrawler التي لا تشمل المغرب.

في أيار/مايو، سوف تطلق رائدة الأعمال نسخةً وطنيةً عن "بوك وان كار" ستسمّيها "لو أون فواتور" (وهي ترجمة حرفية للاسم من الإنجليزية إلى الفرنسية)، على أمل الترويج لوكالات إيجار السيارات المحلية والمستقلّة في المغرب وإبرازها أكثر. وبهذا سوف تسمح هذه الخدمة للمغاربة استئجار السيارات من وكالاتٍ مختارة بأسعارٍ مقبولة، ما سيغنيهم عن الوسطاء الأجانب.

تلقّى المشروع الكثير من الانتباه على الإنترنت في المنطقة، حيث فازَت الشركة الناشئة بالجائزة الأولى في "مسابقة الشركة الناشئة العربية لمنتدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" عن فئة الأفكار، كما فازَت بالجائزة الثانية في مسابقة "شي ليدز أفريكا" She Leads Africa، وهذا ما ساعد الشركة في بعض التحدّيات التي واجهَتها. وتقول المؤسِّسة عن هذا الأمر، "لقد حلّينا جزئياً مشكلة التمويل بفضل المسابقات الدولية التي فازت بها ‘لو أون فواتور‘، كما تمّ حلّ التحدّي التقني الذي أخّر كثيراً تطوير المنصّة بفضل شراكةٍ مع ‘مايكروسوفت‘ Microsoft، كما أنّ التغطية الإعلامية التي حظينا بها قد أثارَت اهتمام المستثمرين المحتملين."

إذا تمكّنَت هذه المشاريع من تحقيق أهدافها، سيصبح بمقدور المواطنين في المغرب التنقّل بحرّيةٍ أكبر. ولكن للوصول إلى هذه المرحلة، يجب على روّاد الأعمال أن يتخطّوا الكثير من العقبات؛ تجاوز القوانين الصارمة التي تحيط بخدمات النقل، وإيجاد تأمينٍ مناسب، وتليين مقاومة التغيير التي يبديها المستخدِمون، وخلق الثقة، وفي بعض الحالات الوصول إلى مجموعةٍ كبيرةٍ من المستخدِمين. حظّاً سعيداً!

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.