عربي

تأثير سياسات الهجرة المفتوحة على النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط

English

تأثير سياسات الهجرة المفتوحة على النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط

مقال بقلم علي حيدر المدير الإقليمي لـ Nomadic

في مواجهة المنافسة العالمية المتزايدة على العمالة الماهرة، تلعب الهجرة والتنقل دورًا حيوياً في النمو الاقتصادي. كما تستخدم الحكومات في جميع أنحاء العالم التي تتطلع إلى المنافسة على الساحة العالمية سياسات الهجرة لمكافحة نقص المهارات والعمالة والتحديات الديموغرافية والصعوبات الاقتصادية المستمرة، بينما تستخدم الشركات سياسات لتعظيم فرص القوى العاملة لديها مع تقليل المخاطر إلى أدنى حد.

من خلال تحليل عميق قائم على البيانات، سلط تقرير اتجاهات الهجرة العالمية لعام 2024 الصادر عن شركة Fragomen الضوء على العوامل الرئيسية التي تؤثر على القوى العاملة والاقتصادات العالمية اليوم. ويكشف التقرير كيف يمكن لاتجاهات الهجرة التكيفية تحفيز التوسع الاقتصادي وتسهيل اكتشاف أكثر المهنيين مهارة في العالم في عام 2024.

الارتقاء بسياسات الهجرة المفتوحة

في الوقت الذي تواصل فيه بعض الدول التمسك بسياسات الهجرة القائمة منذ عصر الوباء، إلا أن العديد منها بدأت في تخفيف القيود لتنشيط اقتصاداتها. إن حكومات الشرق الأوسط، التي تدرك موقعها الاستراتيجي ومواردها الوفيرة، تعمل على خلق وجهات جذابة للشركات العالمية التي تبحث عن آفاق جديدة. على سبيل المثال، كانت الإمارات العربية المتحدة واحدة من أوائل الدول التي فتحت حدودها للعالم في عام 2020، حتى أنها عرضت تأشيرة Digital Nomad لجذب المواهب المستقلة الماهرة. وعلاوة على ذلك، فإن مبادرة التأشيرة الذهبية، التي تضم أكثر من 151600 مسجل من عام 2019 إلى عام 2022، ترمز إلى التزام الدولة بإبراز مجموعة مواهب عالمية مزدهرة في بيئة صديقة للعمل.

وتشير الدراسات إلى أنه بحلول عام 2030، قد يؤدي انعدام الحل لنقص المواهب إلى 85 مليون وظيفة شاغرة و8.5 تريليون دولار من الإيرادات المهدرة. وقد أدى هذا إلى رفع مهارات القوى العاملة وإعادة تأهيلها، الأمر الذي يعيد تشكيل أنماط الهجرة ويجذب الأفراد إلى البلدان التي تستثمر بنشاط في المواهب. وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة، المعروفة بإمكانياتها الاقتصادية الهائلة، وجهة جذابة للمهنيين الذين يتطلعون إلى تطوير مهاراتهم والازدهار في القطاعات التنافسية عالمياً، مثل التحول الرقمي وإدارة المشاريع. وفي نهاية المطاف، من المرجح أن تشهد البلدان التي تعزز المهارات التنافسية طفرة اقتصادية وتكنولوجية.

لا بد للحكومات أن تبتكر وتتبنى التحول الرقمي

تستمر عملية التحول الرقمي في اكتساب الزخم في جميع أنحاء العالم، خاصة في ظل تزايد أعداد الحكومات التي تستثمر في أنظمة متطورة مثل الذكاء الاصطناعي وإعطاء الأولوية لقابلية التشغيل البيني للأنظمة عبر الإنترنت لتحقيق الكفاءة والامتثال. تعد الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في طليعة تلك المهمة في المنطقة، حيث تمتد الخدمات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إلى عملية مراقبة الحدود.

ولتوظيف الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في الهجرة بشكل فعال، يجب على الحكومات معالجة قضايا حرجة مثل التحيز الخوارزمي، والاختراق المحتمل، وأخطاء الحكم بسبب محدودية التدخل البشري. من الأهمية بمكان تنفيذ سياسات صارمة تضمن شفافية الذكاء الاصطناعي ومساءلة نزاهته. إن حماية خصوصية بيانات المواطنين وأمنهم، إلى جانب إعطاء الأولوية للمعايير الأخلاقية في تطوير الذكاء الاصطناعي وتطبيقه، أمر ضروري لاستخدامه المسؤول على نطاق واسع.

الشراكات بين الحكومات والجامعات

وعلى الرغم من التعافي الصحي بعد الجائحة في العديد من أسواق العمل، فإن أربعة من كل خمسة أرباب عمل على مستوى العالم يقرن بصعوبة العثور على المواهب الماهرة التي يحتاجون إليها. ولمكافحة هذا النقص، يتعين على المؤسسات التعليمية التعاون مع الحكومات بشأن استراتيجيات جذب المواهب والاحتفاظ بها. ويمكن لسكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الشباب، الذين يقل عمر أكثر من نصفهم عن 30 عاماً، أن يساعدوا في تنويع الاقتصاد بالعمالة الماهرة، وتعزيز ريادة الأعمال، وتبني التكنولوجيا، والقدرة التنافسية العالمية. ومن المرجح أن تستفيد المؤسسات التي تلعب دوراً حيوياً في مساعدة أصحاب العمل والحكومات على سد فجوات المواهب أيضاً من خلال اعتبارها خياراً جذاباً للطلاب الدوليين. على سبيل المثال، وافقت المملكة العربية السعودية مؤخراً على لائحة تنفيذية لفتح فروع للجامعات الأجنبية في البلاد، مما قد يساعد في جلب المواهب الجديدة المحتملة إلى القوى العاملة الإقليمية.

تعزيز عمليات التنقل إلى المناطق المجاورة: لماذا ينبغي تطويع عملية الهجرة؟

تعد العديد من البلدان بالفعل وجهات رئيسية لتصدير المنتجات إلى الخارج، ومع تطلع المزيد من الشركات إلى هذا الخيار لتأمين سلاسل التوريد الخاصة بها في مشهد تجاري متقلب، يتعين على الحكومات التعامل مع العديد من الآثار المترتبة على الهجرة والبحث عن مبادرات جديدة لتلبية الطلب.

يتقدم الشرق الأوسط على هذا الصعيد، حيث قامت مبادرة المقر الإقليمي في المملكة العربية السعودية بترخيص أكثر من 160 مركزاً، واجتذبت شركات عالمية منذ عام 2021. وفي الوقت نفسه، تهدف أجندة D33 في دبي إلى مضاعفة اقتصادها خلال عقد من الزمان، وتعزيز مكانتها كمدينة عالمية. تضع تلك الجهود كلا البلدين كوجهات جاذبة لرواد الأعمال والمواهب المختلفة.

ستكون سياسات الهجرة الاستباقية والمبادرات الاستراتيجية التي تتبناها الحكومات - وخاصة حكومات الشرق الأوسط - ضرورية لجذب المواهب العالمية المتنوعة، فضلاً عن تعزيز نموها الاقتصادي وقدرتها التنافسية، مما يمهد الطريق في نهاية المطاف أمام المنطقة لتتمتع بمشهد تجاري مفتوح وجذاب بشكل استثنائي في عام 2024.

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.