English

 لماذا تَعتمِد ريادة الأعمال في العالم العربي على التعليم؟

English

 لماذا تَعتمِد ريادة الأعمال في العالم العربي على التعليم؟

لا تعد ريادة الأعمال رفاهية في عالمنا اليوم، كما قال المتحدثون خلال منتدى التنافس العالمي السنوي السادس، حيث اجتمع صانعو السياسات وقادة الفكر العالميين في الرياض من 21 وحتى 24 كانون الثاني (يناير) لمناقشة "حتمية ريادة الأعمال"، وكانت كلمة "إلحاح" هي الطاغية. فكما أشار جيم كليفتون، الرئيس التنفيذي لشركة غالوب Gallup، "إن أكبر حلم في العالم في الوقت الراهن، هو الوظيفة الجيدة".
 
وللتحديد، فإن 3 من إجمالي الـ7 مليارات شخص على هذا الكوكب يبحثون عن وظيفة "جيدة". لكن مع الأسف، فكما أوضح كليفتون، هناك فقط 1.2 مليار وظيفة "جيدة" متوفرة حول العالم، مما يترك أكثر من 1.5 مليار شخص غير راضٍ.
 
وتماشياً مع الموضوع الرئيسي للمنتدى، فقد أجمع المحاضرون والمتحدثون، الذين ضمّوا سمو الأمير "تركي الفيصل" من السعودية، و"ميشيل بورتر" من جامعة هارفارد، على ما يبدو على الاعتقاد بأن أفضل استجابة لهذه الفجوة الكبيرة ما بين الطلب والعرض للوظائف الجيدة، هو الاستفادة مما أسماه "لين شليزينغر" Len Schlesinger  من بابسون Babson  "أقوى قوة لتأمين الوظيفة قد عرفها انسان: وهي ريادة الأعمال".
 
في الشرق الأوسط، تتفاقم المشكلة بوجود بطالة بين الشباب بنسبة 25% والتي كثيراً ما يستشهد بها، وتعدّ الأعلى في العالم. لم تكن البطالة القوة الوحيدة وراء الصحوة العربية، ولكنها بالتأكيد قد حركت الاضطرابات والإحباط. فعلى حدِّ تعبير "ماغاتي ويد" Magatte Wade، المؤسس و المدير التنفيذي لشركة "تيوسانو ترايب" Tiosanno Tribe، "إن وجود رواد الأعمال والوظائف التي يؤمّنوها، هي مسالة حرب أم سلام".
 
ولكن إذا كانت ريادة الأعمال حتمية، فإن القطعة الأخرى من الأحجية بالنسبة للمنطقة هي تقييم ما إذا كانت ريادة الأعمال موهبة فطرية، أم مهارة يتم تطويرها من خلال الممارسة المتأنيّة.
 
لخص "شليزينغر" رأي الأكثرية حول الموضوع، مقتبساً استنتاج الراحل "بيتر دركر" Peter Drucker في عام 1983، بأن "كل هذا الحديث حول أن رواد الأعمال قد تم خلقهم أو إنشائهم، هو محض هراء. فريادة الأعمال يمكن تدوينها، وتركيزها وتدريسها".
 
اتفق أساتذة آخرون مع نموذج بابسون حول "المساعدة في خلق رواد الأعمال"، بتحويل حتمية ريادة الأعمال إلى حتمية لإصلاح التعليم الذي يقوم على اعتقاد "محمد يونس" بأنه في مرحلة من المراحل "فإن الجميع رواد أعمال، ولكن لا يملك الكثير منهم الفرصة لاكتشاف ذلك". وأكد "جون كويلش" John Quelch من المدرسة العالمية الصينية-الأوروبية لإدارة الأعمال أن كل شيء يبدأ من النظام التعليمي وفي سن مبكرة جداً".
 
كان الإجماع عموماً على ثلاثة جوانب، الأول، هو أن ريادة الأعمال هي مهارة حياتية هامة ينبغي أن تُدرّس ابتداءً من مرحلة الابتدائية. أما الثاني فهو وجوب تجاوز الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالفشل، حيث أن الفشل هو أفضل، وفي بعض الحالات، الطريقة الوحيدة للتعلم؛ ينبغي إعادة تصوير الفشل على أنه "التكرار المُتعمد". والجانب الثالث هو أن تعلّم ريادة الأعمال "غير رسمي أو تقليدي إلى حد كبير" فعلينا تدريس الطلاب مفهوم التعلم مدى الحياة في سن مبكرة، أو كما صاغها "شليزينغر" باقتدار، نحتاج أن نعلم الناس أن "يعيشوا بحالة تساؤل دائم". أما الهدف النهائي من هذا التحول الدراسي فهو تمكين عدد أكبر من الناس من المحاولة، وتمكينهم من المحاولة في وقت مبكر، بل وحتى تمكينهم من المحاولة لمرات عدّة بتكلفة معقولة.
 
عندما نتكلم عن الإصلاح أو التقدم في منطقتنا فإننا غالباً ما نتطلع خارجياً  إلى أفضل الممارسات والأساليب المتبعة عالميّاً، فلا حرج في التطلع الى خبرات الغير. لكن التطبيق المباشر لنفس السياسات يمكن ألا يكون فعالاً، إلا إذا تم  تعديلها لتناسب الأوضاع المحليّة، وثبت أهميّتها بالنسبة لسكان المنطقة.
 
على سبيل المثال، كانت إحدى العقبات الأساسية في طريق إصلاح المنهاج الدراسي في الإمارات العربية المتحدة، هي عدم استخدام وكلاء محليين كأبطال لتلك الجهود الإصلاحية (المزيد من أفكاري حول هذا الموضوع تجدونها هنا). يدعم "شليزينجر" هذه الفكرة، وهي ضرورة وضع الجهود الداعمة للإصلاح والتطوير في سياق محلي، وربما بشكل غير متعمد، حين يقول "من المهم جداً للناس أن يشعروا أن خلق فرصهم هو احتمالٌ قابل للتطبيق ويمكن بلوغه".
 
من المنطقي أن يشعر رواد الأعمال العرب الواعدون بأنهم أكثر تمكناً لدى الاستماع إلى قصص رفاقهم الذين نجحوا في إنشاء مشاريع خاصة بهم في المنطقة، وبتعبير "فادي غندور"، مؤسس شركة "أرامكس" Aramex فإن "جزءاً من مشكلتنا يعود إلى أن مدارس إدارة الأعمال لدينا تقوم بتدريسنا نماذج من شركات أعمال غربيّة ليست ذات صلة مباشرة بالمنطقة، بينما لدينا قصص نجاح من منطقتنا نفسها".
 
مع الأسف، فإن مدارس الأعمال عندنا ليست فقط هي التي تبحث عن قصص النجاح في الخارج قبل أن تبحث عنه في الداخل. في المرة المقبلة التي أحضر فيها منتدى عن حتميّة ريادة الأعمال في المنطقة آمل أن أسمع أكثر من العرب أنفسهم عن قصص نجاحاتهم وتجاربهم في المنطقة.
 
وفي المرة المقبلة التي سأُسأل فيها عن رائد أعمال ناجح، فسأسرد قصة "نايف القحطاني" الذ بدأ كسائق رافعة شوكية، وأصبح الأن يدير شركته الخاصة للخدمات اللوجستية والتي تقدر بملايين الدولارات.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.