English

هل دخول روكيت إنترنت إلى الشرق الأوسط أمر سيئ؟

English

هل دخول روكيت إنترنت إلى الشرق الأوسط أمر سيئ؟

مع انطلاق موقع "نمشي" Namshi المستنسخ عن "زابوس" Zappos قبل شهرين و"ميزادو" Mizado المستنسخ عن "أمازون" Amazon، تكون شركة "روكيت إنترنت" قد دخلت الشرق الأوسط رسمياً. فما يعرف بمصنع الاستنساخ الذي يقوده الأخوة ساموير افتتح مكاتب له في دبي ليكون له مقر لغزوته للشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ولمن لا يعرفون مارك وأوليفر وألكسندر ساموير أو روكيت إنترنت، فهم ثلاثة رياديين اشتهروا لاستنساخهم على نطاق عالمي نماذج للتجارة الإلكترونية حققت نجاحاً في الولايات المتحدة. 

وبدأ الثلاثي عام 2009 حين أسسوا نسخة ألمانية عن "إي باي" eBay سموها "ألاندو" Alando وباعوها لـ"إي باي" بـ54 مليون دولار بعد مائة يوم. وعام 2004، باعا "جامبا" Jamba وهي مستنسخة من فيريساين Verisign بـ273 مليون دولار وعام 2007 أطلقوا "روكيت إنترنت". وفي العام 2010، أنشأ الثلاثي مستنسخاً أوروبياً عن "غروبون" سمّوه "سيتي ديلز" عاد "غروبون" واشتراه بـ14% من حصصه وأصبحت قيمة حصة الثلاثي الألماني تساوي مليار دولار.

وفي ظل "روكيت إنترنت" استنسخ الأخوة ساموير، "يوتيوب" وزينغ" و"غروبون" و"أوفيربال" و"بيرتشبوكس" و"بينترست" و"إيربنب" و"بيل مي لايتر" و"زابوس" و"زينغا" و"فاب" و"إي هارموني" و"راب" و"إيتسي" و"زوك دوك" و"كلوب بينغوان" و"فيتابرنت" واليوم "سكوير". وفي السنوات القليلة المقبلة، ينوي المصنع الناشئ بناء 20 شركة تجارة إلكترونية كل منها في 40 بلداً أي ما مجموعه 800 شركة. فإذا نجحوا في ذلك وأضافوا على مجموع الشركات التي استنسخوها وباعوها (13 منذ تأسيس روكيت إنترنت)، فسيصبحون من بعض أغنى الأفراد في الكوكب، (حصة بقيمة 1% في فيسبوك لا تضر أيضاً).

إلى أين وصلوا حتى الآن؟

في نيسان/أبريل الماضي شكّلت "جيغا أوم" الشركة رقم 38 في 58 بلداً إذا ما استثنينا "نمشي" و"ميزادو" اللذين يرفعان المجموعة إلى 40. وتبلغ قيمة الشركة الآن مليار دولار ويقول مؤسسوها إنها خلقت 20 ألف وظيفة وأن خمسة فقط من هذه الشركات الناشئة أخفقت.

وفي هذه الأثناء فإن المواقع صاحبة المفاهيم الأصلية أي أمازون وإي باي وغروبونز، لا تستطيع التوسّع عالمياً بالسرعة ذاتها أو لا تجد الأمر مربحاً بقدر التوسع محلّياً. لذلك تبقى روكيت إنترنت في الطليعة لأنها وصلت بسرعة أكبر وهي تلج أسواق جديدة بجيش من خريجي برامج ماجستير في الأعمال من الدرجة الأولى وشركات استشارية في مجالات التجارة والصناعة (هم يحبون ماكينسي)، أملاً بتحقيق نجاحات تالية قريباً.  

وبالنسبة لـ"روكت إنترنت" فإن حتى استنساخ نفسها ليس أمراً سيئاً، فوضع نفحة محلية على نموذج يتم اختباره يمكن أن يكون طريقة قوية لخلق شركة ناجحة في سوق جديد، علماً أن العديد من الشركات الجديدة والمرتقبة استخدمت نماذج وضعها لأول مرة أمازون وإي باي وغروبون وجيلت غروب و"نت أه بورتيه" لترسيخ وجود على الإنترنت لشركات خارج الفضاء الإلكتروني وملء فجوات مهمة في الأسواق المحلية.  

إذاً لماذا هناك نظرة ازدراء تجاه الأخوة ساموير؟   

1 ـ سياسة الإلحاح والمطالبة المتّبعة مع موظفيهم

صحيح أن لا أحد يجب أن يعتذر على التركيز على الربح، إلاّ أن النزعة الماكيافيلية لدى الأخوة ساموير (التي كشف الستار عنها في رسائل إلكترونية تم التأكّد من أصالتها والحروب الخاطفة والحاجة إلى العناية بالتفاصيل الألمانية) يمكن أن تثير النفور حين لا تكون بهدف المزاح. فمقاربتهم لاستعباد الموظفين أثارت النفور لدى البعض ما دفع أعضاء أساسيين إلى المغادرة وإنشاء شركة منافسة

2 ـ تركيزهم على التقليد بدلاً من الابتكار

يعترف الثلاثة بأنهم ليسوا مبتكرين ويشرحون إلى موقع "وايرد" قائلين "نحن بناة شركات ولسنا مبتكرين. هناك أشخاص آخرون هم المهندسون ونحن البناة. وفي المقالة ذاتها، يحذر لويك لومور من أن "روكيت إنترنت" "تجني الكثير من المال للأخوة ساموير، ولكنها تقتل الابتكار في أوروبا. وهي تقول للرياديين الشباب إن الطريقة المثلى لجني المال هي من خلال نسخ نموذج نجح في الولايات المتحدة وبيعه إلى مالكيه الأصليين".

3 ـ تحجّرهم

اتُهم الأخوة ساموير بأنهم يستبعدون المستثمرين المشاركين من الصفقات ويحاولون الاستيلاء على جردة المحتويات من المواقع التي يستنسخونها والترويج لمنتجات وهمية باسم النجاح.  وهذه ثقافة لا يرغب كثيرون بأن تنتشر. ولكن ثمة أسباب قليلة لكي لا يكون "نمشي" و"ميزادو" بالضرورة سيئين للشرق الأوسط:

أولاً: سيساعدان في تعليم السوق مبادئ التجارة الإلكترونية

في دردشة مع ومضة في جناح أرامكس في قمة عرب نت الشهر الماضي، أخبرنا المؤسس المشارك لموقع "نمشي" محمد مكّي بالقليل عن الأساليب التي تعتمدها الشركة، التي تبيع الأحذية والألبسة والأكسسوارات والمنتجات التجميلية، للمساعدة في نشر مفهوم التجارة الإلكترونية بين زبائن التجزئة التقليديين.

وأخبرنا محمد، ربما لكي يسحرنا ـ وهو ما نجح به ـ قصة عن سيدة عجوز من رأس الخيمة اتصلت بخدمة الزبائن في "نمشي" للسؤال عن موقع متاجرها كي تشتري منتجات محددة. وحين شرحوا لها أنهم متجر على الإنترنت فقط ووصفوا لها كيفية شراء المنتجات على الموقع لم يكونوا واثقين من أنها ستنفذ ما قالوه لها. ولكن بعد شهر، اكتشفوا أنها كانت بين أوائل المشترين المثابرين.

وسيستمر تكييف المشترين مع مفهوم البيع والشراء بالتجزئة على الإنترنت في فتح الأسواق أمام جميع اللاعبي في ميدان التجارة الإلكترونية.

ثانياً: قد يساعدان في تدريب جيل من الرياديين المستقبليين

حصلنا أثناء الدردشة مع المؤسس لويس لبّس في مقهى قرب مكاتب "نمشي" الجديدة في دبي، على نظرة خاطفة على قلب "الوحش" الذي يدعى "روكيت إنترنت". وفي الوقت الذي تحدثنا فيه مع لبّس مكان يعمل حتى وقت متأخر يوم خميس ولكنه كان نشيطاً ووصف أساليبهم الخلاقة والمسلية.

وكان لبّس ومكّي إلى حد ما من أصحاب المواهب التي ترغب "روكيت إنترنت" في توظيفها وهما موظفان سابقان في ماكينسي في حين أن المؤسس الثالث، حسان عرب، هو خريج كلية الأعمال في هارفرد مثل لبّس.

ولكنهم في المقابل يجذبون ويدرّبون المزيد من المواهب. والتوظيف أصبح أكبر تحد في "نمشي"، وهو أمر يعترف به لبّس، ولكنهم يركزون على بناء فريق يمكنه أن يتعلّم بسرعة ويصبح قادراً على البدء بشكل ذاتي.

وقال لبّس "ما يحركني فعلاً ويمنحني الدافع هو التفاعل مع فريقنا. أكثر ما يعطيك الطاقة هو رؤية الناس يدهشون أنفسهم بما يمكنهم تحقيقه. ولكن في البيروقراطيات الكبيرة، لا تُمنح أبداً الفرصة لتفاجئ نفسك. وهنا نحن نهتم بالتطوّر الفردي لكل شخص. وأنا أرى في هؤلاء المتخرجين الجدد، الجيل المقبل من الرياديين في المنطقة. فهم يتعلمون هنا ولكن بعد ثلاث سنوات من الآن سيقومون ببدء المجموعة التالية من الشركات الناشئة في العالم العربي".

هذا كلام يعكس الواقع تماماً، فهؤلاء المتخرجين لن يعملوا في "روكيت إنترنت" إلى الأبد ولكنهم خلال بقائهم سيكتسبون الخبرة.

ثالثا: سيكون على "روكيت إنترنت" حل المشاكل اللوجستية نفسها مثلما فعل الآخرون

حين ناقشنا التحديات اللوجستية الإقليمية والخسائر في العائدات التي تتكبدها الشركات بسبب اعتماد خدمة الدفع عند الاستلام، تحدث مؤسس شركة تجارة إلكترونية تحدثت إليه مؤخراً، عن مأساة على التنافس مع شركات "روكيت إنترنت". وقال "حين حاولنا مناقشة قضايانا اللوجستية مع مستشارين اعتقدنا أن بإمكانهم مساعدتنا سمعنا الكثير عن كيفية حل "نمشي" لهذه القضايا. ولكننا لسنا ‘نمشي’ وليس لدينا الدعم الذي يحظون به".

ولكن إذا كان بإمكان "نمشي" أو "ميزادو" اللذين يبيعان منتجات في الخليج ومصر، حل هذه القضايا (وسيكونان تحت ضغط هائل لفعل ذلك)، فسيقدمان نموذجاً للآخرين كي يعملون وفقه ويتقلصون الوقت وكلفة الاختبارات. وفي حين تميل "روكيت إنترنت" إلى إطلاق الشركات بسرعة من دون انتظار الظروف كي تتغيّر، فإن نفوذ الشركة يمكن أن يكون عوناً إذا قررت دعم التغييرات السياسية أيضاً.

هل تشجع روكيت إنترنت ثقافة الاستنساخ في الشرق الأوسط؟

فنعترف بأن الاستنساخ موجود في العالم العربي قبل الأخوة ساموير وسيستمر من بعدهم. كما أن اعتماده كسياسة مستمرة ليس ظاهرة فريدة في ألمانيا. وقد بدأت عائلة موافي من مجموعة "أم أو 4" في القاهرة باستنساخ شركات ناشئة فضلاً عن نشر الشائعات بأنهم "ساموير مصر". وصحيح أنهم ليسوا متحجرين ولكن سيرهم الذاتية قد تعطي مؤشراً بغياب نهج الاعتذار لديهم. ولكن إذا استطاعوا جمع العائدات والوظائف المطلوبة لتعزيز قطاع الريادة في مصر والعالم العربي من دون أن يجعلوا الموظفين بؤساء، فلا داعي لتشديد الانتقاد.

ما رأيك بتأثير الاستنساخ في المنطقة؟ شاركنا أفكارك في خانة التعليق تحت المقالة.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.