English

تغيير المفهوم الشائع بأنّ النساء الرياديات لا يؤسّسن شركات قابلة للنموّ في المنطقة

English

تغيير المفهوم الشائع بأنّ النساء الرياديات لا يؤسّسن شركات قابلة للنموّ في المنطقة

ماذا يحصل عندما تجتمع مجموعة من رائدات الأعمال الجريئات تحت سقف واحد ليوم واحد؟  

في فعالية "نساء رياديات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" الأخيرة التي استضافتها جامعة شيكاجو، كلية إدارة الأعمال، بالتعاون مع شركة "بوز أند كو" Booz & Co، في مركز Ideation Centre، حصلت نقاشات محتدمة وطُرِحت آراء مختلفة، ولكن في نهاية اليوم، اتفق الجميع على ضرورة تعزيز فرص الريادة لنساء المنطقة. 

وكان في جلسة النقاش الأولى طارق السعدي المدير الإداري لـ"إنديفور لبنان"، والذي اعتبر أن التركيز على الهيكليات والقواعد الاجتماعية، مع الاعتماد على أرباب الأسر، هي الأسباب الرئيسية وراء انكباب النساء على الريادة في المنطقة العربية. وأضاف "ثمة عدد كبير من النساء الرياديات في الشرق الأوسط ولكن معظمهن ما زلن ضمن شركات تقليدية ولا يهتممن بالتوسّع".

ودعا السعدي إلى عمل منظم وإيجابي، وحث على إيجاد حل هيكليّ، مشيراً إلى أن "التغيير الاجتماعي يجب أن ينبع من نساء يزلن الحواجز الاجتماعية ويستفدن من الدعم الذي تقدمه لهن المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص".   

ولكن هذا الرأي تحدته الدكتورة ليلى حطيط، مديرة "بوز أند كو"، في خطاب تحت عنوان "مليار ثالث" Third Billion. وقدمت حطيط بحثاً يعمل على تبديد الكثير من الأفكار الخاطئة، منها أنّ الرياديات النساء يؤسّسن شركات صغيرة، في حين وجدت "بوز" أن أكثر من 30% من الشركات التي تقودها نساء هي شركات كبيرة الحجم و80% منها تخطط للتوسّع.   

أما عمبرين موسى المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لموقع "سوق المال" لمقارنة الخدمات المالية وخدمات الاتصالات، فهي مثال جيد على الريادية التي تهدف إلى الوصول إلى سوق إقليمية. وتكشف أن إحدى العوامل التي سهّلت عليها التركيز على شركتها كانت إمكانية اعتماد العائلة في الإمارات على مدخول واحد، ما يعطي للزوجات والأخوات والبنات فرصة للمخاطرة وخوض مجال الريادة.     

 وبرأي عمبرين، فإن تأسيس شركة لا يعتمد فقط على القدرة بل على الرغبة أيضاً. وأوضحت أن الكثيرات "سوف يتزوجن حين يبلغن عمراً معيناً وسيتوقفن عن العمل، وهذا يعكس ثقافة ثقافية واجتماعية ذات الصلة هنا". 

 أما راما شقاقي، المؤسِّسة الشريكة لـ"بركة فنتشرز" Baraka Ventures، فكان لها وجهة نظر متفائلة. وقالت إن "التحدي الرئيسي هو أننا نركز على التحديات"، وذكرت نظرية يتم طرحها مراراً وتكراراً خلال المناقشات واستراحات القهوة، ألا وهو أن الحديث بكثرة عن السلبيات ينتجع تداعيات. ودعتنا إلى التمعّن في قصص نجاح واستدعت لولو خازن، مؤسسة موقع "نبّش" Nabbesh الذي فاز في مسابقة تلفزيون الواقع "الريادي" التي نظمتها شركة الاتصالات الإماراتية "دو" . فلولو تعتبر أن تحديات الخوض في عالم الريادة هي تحديات عالمية، ولا تستهدف المرأة فقط بل المرأة والرجل على حدّ سواء. وتطرقت إلى جانب إيجابي أيضاً قائلة إنه "من الجيد أن نرى نساء يحدِثْن تأثيراً إيجابيًّا".

 غير أن الأمر في السعودية مختلف، فهناك تشعر بفرق بين المرأة والرجل في جميع جوانب الحياة. وشبّه طوبى تركلي، المؤسس الشريك والرئيس التنفيذي لمنظمة دعم الشركات الصغيرة "قطوف" Qotuf، وضع النساء في الريادة بـ"جمل صغير يتقدم". فالمقاومة في السعودية تأتي من جميع الجوانب، ليس فقط من الآباء والأشقاء والأزواج الذين لا يشجعون بناتهم وشقيقاتهم وزوجاتهم على الانضمام إلى سوق العمل، بل من أصحاب العمل أيضاً المحافظين بالقدر نفسه. ويقول تركلي إنّ "أصحاب العمل يعتقدون عادة بأن النساء (في السعودية) لديهن التزامات اجتماعية كثيرة كافية كي لا يستطعن الالتزام بعمل، لذلك فهم ببساطة لا يريدون أن تنضم نساء إليهم".   

بعد الخوض في الأسباب الاجتماعية والثقافية والسياسية، اختتم نيريدي شملو، مستشار رفيع المستوى في البنك الدولي، النقاش بفكرة مؤثرة، قائلاً "ربما نحتاج لمطالبة الآباء بالمساعدة في تعزيز ثقة النساء بنفسهنّ من أجل النجاح، ودعمهن للانضمام إلى سوق العمل، وأن ينظروا إلى الأمر من خارج القيود الجندرية التي تعززها البيئة المحيطة".     

وبعد جلسات النقاش، أشار طارق السعدي إلى قوة القدوة في النقاش. وقال إن الكثير من النساء يتركن أعمالاً بأجور مرتفعة في بنوك كبرى ووكالات استشارية لبدء شركات خاصة، بينهن سلام سعادة، مؤسّسة "آكتيف أم" Active-M، و"واي بلاس فنتشرز" Y+ Ventures، ومي حبيب المؤسِّسة الشريكة لمؤسسة "قرطبة" Qordoba للترجمة (التي تستثمر فيها ومضة)، ولولو خازن مؤسّسة موقع "نبّش والنساء في "جلام بوكس" GlamBox. وأضاف أنّه "من مسؤولية الجميع دعمهنّ في تجاوز العقبات التي تواجهها النساء في قطاع الأعمال في الشرق الأوسط".  

 لا يوجد أبيض وأسود هنا، فثمة حلّ وسطيّ. وأكبر خطأ يمكن أن نرتكبه هو التعميم ووضع النساء الرياديات في الشرق الأوسط تحت خانة واحدة. فبعضهن يواصلن الاستمتاع بأول تجربة عالمية في سوق ناشئة حيث التحديات التي يواجهنها، مثلي، غير مرتبطة بالجندر، ويحصلن على المساعدة من بيئة ودودة وعائلات داعمة حصّلت تعليمها في الخارج. 

ولكن بالنسبة للبعض الآخر، فإن الضغط الاجتماعي على العاملات خارج منازلهن قد يؤثر على قرارهن بعدم الدخول في مجال العمل أو إطلاق مشروع، كما أن بعض النساء تناضلن في بيئات عدائية. وبدعمنا هؤلاء النساء، يمكننا أن نتجاوز النظرة السائدة إلى المرأة، وأن نقترب من تحقيق قوة عاملة متوازنة ومتنوعة تناسب الاقتصاد المستدام.   

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.