English

كيف غيّر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مسار سلطان القاسمي؟‎

English

كيف غيّر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مسار سلطان القاسمي؟‎

عندما دعيتُ للانضمام إلى برنامج الزمالة Director’s Fellow التابع للمختبر الإعلامي لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أخذتُ الأمور بسطحية وظننتُ أن للأمر علاقة بالسلطة الرابعة. لقد كنتُ مخطئاً.

تأسس المختبر الإعلامي في العام 1985، أي قبل نحو ثلاثين عاماً. ولكن منذ تعيين صاحب رأس المال المخاطر ورجل الأعمال الياباني جوي إيتو في العام 2011، أدخلت تحديثات كثيرة على المختبر. جوي، الذي كان ناشطًا ومنسّق موسيقى أيضاً، عمد فوراً إلى إعادة النظر في استقدام أشخاص لا يتجانسون في مؤسسة قوية، قوامها 400 شخص وميزانيتها السنوية تقدّر بـ 55 مليون دولار. ويمكن الملاحظة أنه شخص يتقن التواصل، بحيث يستغل شبكة علاقاته القوية لخلق رابط بين ذوي الاهتمامات المشتركة. عمل جوي على جمع الناس مع بعضهم البعض أينما ذهب من أوستن إلى بوسطن، وصولاً إلى شقته في مشروع الخليج التجاري في دبي.

عندما بلغ الربيع العربي ذروته في آذار/مارس العام 2011، ضرب اليابان زلزال مدمّر ترك خلفه المئات من القتلى والآلاف من دون مأوى. وهو بتقدير العلماء الأميركيين، حلّ في المرتبة الرابعة كأقوى زلزال في التاريخ المدوّن. لقد كانت المعلومة الدقيقة مهمة جداً في عملية الإنقاذ.
بعد أيام قليلة من وقوع الزلزال قمتُ بزيارة جوي في منزله في دبي، فشعرتُ وكأنني في مركز إعلامي دولي. فهو كان يعج بالقنوات التلفزيونية وشاشات الكمبيوتر التي تستعرض مختلف وسائل الإعلام اليابانية والدولية. لقد بدا وكأنه مشهد من أفلام الخيال العلمي.

جوي الذي يتحدث الانكليزية بطلاقة، حوّل منزله إلى ما يشبه مركزاً لرصد وسائل الإعلام. فلقد كان يتابع المؤتمرات الصحفية للمسؤولين اليابانيين بدقة، ومن ثم الترجمات اللاحقة لها إلى الإنكليزية على كلّ من "سي إن إن" و"بي بي سي". وقد كان يستفيد في بعض الحالات من شبكة معارفه الإعلامية الواسعة، لتصحيح الترجمات الخاطئة ولتصويب بعض التفاصيل.

بمثابته شخصٍ يقدِّر التأثير الإيجابي لأي فردٍ في العالم، قاد جوي فريق المختبر الإعلامي لإطلاق مبادرة جديدة باسم Director’s Fellows فكانت دفعتها الأولى عام 2013. اشتملت الدفعة الأول من مبادرة الزمالة على أسماء معروفة، مثل المخرج الهوليوودي جي جي أبرامز والكوميدي باراتوندي ثورستون. كما ضمّت أسماء أخرى أقل شهرة ولكنها ليست أقل أهمية، من بينهم جوليانا روتيتش ودايفيد كوبيا. وهما مؤسسَا الموقع العالمي الشهير أوشاهيدي Ushahidi، الذي يرسم تفاصيل عن "حوادث العنف والسلام في كينيا استناداً إلى تقارير مقدمة من الانترنت والهواتف الذكية." وتشمل الدفعة الأولى أيضاً صاحب "أكتب أخطائي" Writing My Wrongs، الكاتب شاغا سنغور، الذي قضى 19 عاماً في السجن. وهو اليوم يستغل وقته لتحفيز الشباب في الجامعات والثانويات.

دفعة العام 2014 تضمّ خالدة بروهي الأصغر سناً في مجموعتنا، وهي ناشطة أنشأت مؤسسة اجتماعية لتوفير الفرص للنساء في المناطق القبلية والريفية في باكستان. وتشتمل الدورة التحضيرية للبرنامج أيضاً على روّاد أعمال اجتماعيين، مثل باشون موراي التي تعمل على تنشيط أحياء مدينتها عبر الحد من النفايات وإعادة التدوير. هناك أيضًا المصمم كريستوفر بيفانز الذي عمل مع عدة مشاهير، أمثال جون ليجيند وكانييه ويست وجاي زي.

يذكرنا جوي غالباً أن المقصود بالمختبر الإعلامي الوسائط الإعلامية، وبعبارات أخرى، "أي شيء يسمح لك بالتعبير عن نفسك، سواء كان البيولوجيا التركيبية أو الأوبرا أو الروبوتات." المختبر الإعلامي يساهم في تحقيق الأحلام.

"الحاسة السادسة" SixthSense، هي من بين الأدوات الوافرة والعظيمة التي ابتكرها طلاب المختبر. وهي "واجهة إيمائية يمكن ارتداؤها، تعزّز العالم الواقعي من حولنا بواسطة المعلومات الرقمية، وتتيح لنا استخدام إيماءات اليد الطبيعية للتفاعل مع تلك المعلومات."


واجهة أخرى استمتعتُ أنا شخصياً باستخدامها هي إن فورم inFORM. وهي عرضٌ حيوي، يمكن أن يجسد المحتوى ثلاثي الأبعاد. يعتبر العلمانيون أن التكنولوجيا تسمح لنا بإنشاء الأشكال بأيدينا، وأيضاً بتحريكها وضبطها عن بعد. وبالتالي فإن فوائد "إن فورم" لا يمكن عدها، ابتداءً من التفاعل البشري اليومي وصولاً إلى إمكانية استخدامها في عالم الطب.

إن أعضاء الزمالة في المختبر ليسوا فقط محظوظون لأنهم يتعلمون من بعضهم البعض، بل لأنهم أيضًا يعملون مع موظفين ماهرين، من بينهم المدونة والكاتبة ليزا كاتاياما، والبيولوجي والمخترع الرقمي المصور ديفيد صن كونغ. ومع ذلك، فإن العنصر الأهم في المختبر هو ليس التقنيات الحديثة أو حتى زملائي الرائعين، بل إنه بحد ذاته الطلاب الذين أردنا إلهامهم.

منذ أن قابلتُ جوي في العام 2009، عرفني على منصة جديدة للتواصل الاجتماعي تدعى تويتر، وهو مستثمر فيها. لقد غيّرت حياتي أكثر ممّا كنتُ أتصوّر. فلقد بدأ الأمر عندما رحتُ أرسل تغريداتٍ عن مقالاتي لبعض المتابعين الذين جمعتهم عن الانترنت. وخلال الربيع العربي، كنتُ مرتاحاً بما فيه الكفاية لأستفيد من تويتر (لدي الآن 300 ألف متابع، علمًا أن 31 بالمئة ن الحسابات هي مزيفة، لكنها موجودة على الأقلّ!).

واليوم، أشرع في تجربة حياة مختلفة، مرّة أخرى بفضل صديقي جوي.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.