نجمة ‘فاست أند فيريوس 7‘: سيارة عربية بملايين الدولارات
مصدر الصور: موقع "دبليو موتورز".
"لا يقتصر الأمر هذه المرّة على السرعة وحسب،" يقولها فين ديزل بصوتٍ جهوريٍّ في الفيلم الذي صدر حديثاً وحطّم الأرقام القياسية على شبّاك التذاكر، الجزء السابع من سلسلة "فاست أن فيريوس" Fast & Furious 7. ربّما يقصد من كلامه هذا، حتّى هذا الوقت، الصخب الذي سوف تثيره عصابةٌ من السائقين المتهوّرين المحبوبين، ولكنّ هذا ينطبق أيضاً على "ليكان هايبرسبورت" Lykan HyperSport، السيارة الخارقة ذات الـ3.4 ملايين دولارٍ اميركيّ التي تمّ إبرازها في أحد أكثر مشاهد الفيلم إثارةً. وهذه السيارة الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، صمّمَتها شركةٌ لبنانيةٌ تُدعى "دبليو موتورز" W Motors.
في المقطع الترويجيّ للفيلم، يبرز فين ديزل وهو يقفز بسيارة "ليكان موتوسبورت" في أبو ظبي من ناطحة سحابٍ إلى أخرى، أثناء الهرب من قذيفة "أر بي جي" أطلقها عليه ممثّل دور الشرّير، البريطانيّ جيسون ستاثام.
"يمكن للعرب أن ينتجوا سيارةً أفضل من أي أحدٍ آخر"
سيارة "هايبرسبورت" التي لا يوجد منها إلّا سبعة حول العالم، يميّزها محرّكٌ من ستّة أسطوانات متوازية بسعة 3.7 ليترات مع تيربو مزدوَج، وقوّة دفعٍ من 780 حصان، وسرعةٍ قصوى تصل إلى 239 ميلاً في الساعة (نحو 384 كيلومتراً في الساعة). أمّا بالنسبة للإضاءة الأمامية التي تأتي بتقنية "ليد" LED، فإنّ كلّ مصباحٍ منها يحوي 220 ألماسة و100 ياقوتة. وفي داخل السيارة، يوجد جهاز عرضٍ فريدٌ من نوعه عالمياً يعمل بتقنية الهولوجرافيك الواقع الافتراضي ثلاثيّ الأبعاد) ويمكنه التعرّف على الإيماءات والتفاعل عن طيق اللمس. "يمكنك أن تشعر بما تنقر عليه في الهواء،" يقولها بتعجّب المدير التنفيذيّ في "دبليو موتورز"، رالف دبّاس، في مقابلةٍ معه عبر "سكايب" Skype. وكأنّ ذلك لم يكن كافياً لتكون السيارة مبهرة، فبالإضافة إلى كلّ ما سبق يوجد طبقةٌ من الماس تغلّف الطلاء لكي تجعله مقاوماً للخدوش.
من جهةٍ أخرى، يقول دبّاس إنّ "بناء السيارة الذي كان صعباً للغاية، لم يكن العمل الأصعب على ‘دبليو موتورز‘، بل إنّ الحصول على المصداقية [كصانعين للسيارات الخارقة] من الشرق الأوسط كان في غاية الصعوبة." ونشير هنا إلى أنّ بناء هذه المصداقية، يشكّل هدفاً طويل الأجل لدبّاس وشركته.
لطالما شكّلَت السيارات شغف رائد الأعمال هذا، "حتّى منذ أن كنتُ طفلاً،" كما يقول. ومن أجل ذلك، ذهب بهذا الشغف إلى المملكة المتّحدة حيث درس هندسة القطارات ومن ثمّ تصميم السيارات خلال دراسة الماجستير. وبعد ذلك، عاد إلى لبنان بمهمّةٍ محدّدة، يقول عنها: أردتُ إثبات أنّ العرب يمكنهم بناء سيّارةٍ أفضل من أيّ أحدٍ آخر."
الوصول إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط
بعدما بدأ بجني دخلٍ أوّليّ من وكالةٍ لتصميم السيارات في لبنان، بمساعدة بعض الزملاء البريطانيين (وبدعمٍ ماليٍّ من والده)، راح دبّاس يجري اتّصالاتٍ مع شركاء أحلامه، فكان أوّلهم صانع السيّارات الأستراليّ، "ماجنا ستير" Magna Steyr. يقول دبّاس ضاحكاً، "لا أستطيع القول إنّني كنتُ ذكيّاً. كنتُ محظوظاً لتواجدي في المكان المناسب والوقت المناسب. لقد اتّصلتُ بالشركة وقلتُ لهم ‘إنّ لديّ فكرة أستعدّ أن أدفع من أجلها، هل يمكن أن نلتقي؟‘ وفي اليوم التالي كنتُ على متن الطائرة."
لم يكن في حسبان دبّاس، على حدّ قوله، أن يتمّ تصنيع سيارة أحلامه في المنطقة. فمنذ عام 2013، كانت مصر البلد الوحيد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي تمّ تصنيفه ضمن قائمة "المنظمة الدولية لصانعي السيارات" OICA التي تشمل أكثر البلدان نشاطاً في صناعة وإنتاج السيارات، وبالرغم من ذلك كان هذا البلد العربيّ يشهد تراجعاً حادّاً غي هذا المجال بنسبة 39%. بالإضافة إلى ذلك، لم تكن السيارة التي رسم لها دبّاس صورةً في خياله من النوع الذي يمكن تصنيعه وإنتاجه بكثافةٍ في مصنعٍ مصريّ. ويقول صراحةً، "نحن [في المنطقة] لا نملك البنية التحتية لبناء هكذا سيّارة."
ولهذا السبب، ولأنّ الخبراء في تكنولوجيا السيارات لا يتواجدون في مكانٍ واحد، تبدو السيارة وكأنّها وحشٌ مُذَهَّبٌ من فصيلة فرانكشتاين: فشركة "دبليو موتورز" "بدأت في لبنان [عام 2008]، وتمّ إطلاقها في قطر، ثمّ انتقلَت إلى دبي؛ أمّا السيارة فمحرّكها صُنِع في ألمانيا، وتمّ تجميعها في مصنعٍ في إيطاليا، ونظام الهولوجراف الذي بداخلها جيء به من اليابان،" وفقاً لدبّاس.
هوليوود هي مَن جاءَت واتّصلَت
في يومٍ من أيّام عام 2013 الفائت، قامَت شركة "يونيفرسال ستوديوز" Universal Studios بالاتّصال بمكتبها في دبي. وعن هذا الأمر يقول دبّاس، إنّه "كان بمثابة حلم. لم نكن نعرف حتّى ما هو الفيلم الذي يريدون السيّارة من أجله." وهكذا كان، إذ بعد زيارة صالة العرض، قام المنتِجون بطلب 10 سيّارات.
ولكن، هل إنّ شركة "يونيفرسال ستوديوز" غنيّةً بهذا القدر كي تدمّر سيّاراتٍ رياضيةً بملايين الدولارات؟ يوضح دبّاس أنّ "السيارات التي تمّ بناؤها من أجلهم كان لها التصميم الداخليّ نفسه، والمحرّك نفسه، لكن مع ناقلات سرعةٍ مختلفةٍ من أجل القفز." إذاً، لم يتمّ تدمير أيّ ماسةٍ خلال تصوير فيلم "فاست أند فيريوس 7". يضيف هذا الرائد اللبناني أنّه "لم ينجُ من السيارات العشرة إلّا واحدة فقط. إنّها سيارة حمراء، كادَت أن تُدمَّر، وحافظتُ عليها كدليلٍ على أنّ الفيلم حصل فعلاً."
دبي كمركزٍ لتصنيع السيارات الخارقة؟
بعد الأخذ بعين الاعتبار عدم الاستقرار في لبنان مقارنةً بالإمارات العربية المتّحدة، وواقع أنّه يمكنك في الخليج أن تجد مَن هو مستعدٌّ لإنفاق ملايين الدولارات على سيّارة، نقل دبّاس شركته إلى دبي بعد فترةٍ وجيزةٍ من إطلاقها. وهو يعتقد أنّه يمكن لدبي في الوقت الحاليّ أن تكون مكاناً مثاليّاً لإنشاء مصنعٍ عربيٍّ للسيارات الفارهة.
يقول المدير التنفيذيّ لشركة "دبليو موتورز"، "إنّ هذه
هي الخطّة التي كنّا نفكّر بها دوماً." ويضيف أنّه "سنحافظ على
المورِّدين لدينا [من كلّ أنحاء العالم]، ولكن ابتداءً من العام
المقبل نخطّط لإنشاء مركزٍ في دبي لبناء السيارات الخارقة عبر المجيء
بخبراتنا وبالخبراء إلى الإمارات."
مع أعمالٍ في خطّ التجميع، والقدرة على تطوير تقنيّاتٍ محلّية، ومن
ثمّ الإنتاج من الألف إلى الياء، سنكون أخيراً أمام أوّل مدرسةٍ
لتصميم السيّارات في الشرق الأوسط.
يقول دبّاس إنّ "شركتنا تتّخذ من بلدٍ عربيٍّ مقرّاً لها، وأنا مواطنٌ عربيّ. لقد حان الوقت ليكون كلّ شيءٍ في دبي."