English

ماذا وراء الاستثمار السعودي في 'أوبر'؟ [رأي]

English

ماذا وراء الاستثمار السعودي في 'أوبر'؟ [رأي]

توسّع "أوبر" نحو السعوديّة قد أحبط النساء في البلاد (الصورة من "ساست جي" SustG)

ردّة فعلي الأوليّة لحصول "أوبر" Uber على 3.5 مليار دولار كانت: رائع!

لا شكّ أنّه من السهل انتقاد هذه الصفقة والتساؤل لماذا قامت الحكومة السعوديّة بهذا الاستثمار علماً أنّ هناك منافساً جيداً و"يقدّم أسعاراً أكثر تنافسيّة" في البلاد. من الواضح أنّ هذه القصّة كان يجدر بها أن تُعنون بشكل مختلف، عنوان كنّا ننتظره جميعاً.

من السهل أيضاً على الأشخاص في البيئة الريادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يشيروا إلى ما هو خاطئ في هذه الصفقة، وإلى الطرق المختلفة الأخرى التي كان يمكن بها استثمار هذه الأموال لتطوير المنطقة؛ ولكنّ هذا ليس إلا نظرةً على الجانب السلبي.

لنتّفق أنّ استثمار 3.5 مليارات دولار من أموال الحكومة على غير السلاح هو أمر جيّد جدّاً. كما أنّ استثمار هذا الكمّ من الأموال في الشركات الناشئة، ولو واحدة منها فقط، في أيّ مكانٍ يجعل من هذه الخطوة أفضل نتيجةٍ ممكنة في حالة السعوديّة.

العلامة التجاريّة السعوديّة 'الجديدة'  

لنتفحّص هذا الاستثمار عن قرب.

لا يخفى على أحدٍ أنّ الحكومة السعوديّة تشعر بخطورة نفاذ النفط الذي تستهلكه منذ عقود، وأنّها بحاجةٍ إلى تنويع استثماراتها والتحضير للسعوديّة ما بعد النفط.

في نهاية المطاف، سوف يسيطر "صندوق الاستثمارات العامّة" Public Investment Fund (الذي قام بالاستثمار في "أوبر") على ما يصل إلى 2 تريليون دولار، وهو المبلغ الذي سيُوجّه بعضه إلى شركاتٍ ناشئةٍ في المجال التكنولوجي في داخل وخارج البلاد. لو كنتُ مكان الحكومة السعودية وأردتُ أن 'أنطلق إلى هذا العالم' وأتعرّف على قطاع التكنولوجيا، لاستثمرتُ في أكبر وأشهر شركة ناشئة موجودة.

إنّها استراتيجية تكوين العلامة التجاريّة. وإذا أردتُ أن أكون متفائلاً، لقلتُ إنّنا سنرى صفقاتٍ إضافيةً تقوم بها السعوديّة في المجال التكنولوجي، والشركات الناشئة في المنطقة ستحظى ببعض الصفقات.

تقييم "أوبر"

دعونا نقيس "أوبر" الآن من حيث القيمة.

لا يعدّ وصول قيمة شركة "أوبر" إلى 62 مليار دولار اليوم نموّاَ هائلاً من الـ50 ملياراً التي كانت تساويها في مثل هذا الوقت من العام الماضي.

من ثمّ، دعونا نفكّر إلى ماذا يرمز الاستثمار بقيمة 3.5 مليارات دولار في جولةٍ واحدةٍ من مستثمرٍ واحد. يعني ذلك أنّ "أوبر" تحتاج إلى الكثير من الأموال وأنّها لا تهيمن بما فيه الكفاية، كما أنّها لا تحقّق النموّ المطلوب للاكتتاب العام IPO. كذلك، يعني أنّ الشركة لم تتمكّن من الحصول على مستثمرين خارجيين لاستثمار هذه الأموال، ولا حثّ المستثمرين الحاليين على المشاركة.  

إذا كنتَ واقعياً مثلي، يجب أن تساورك الشكوك منذ الآن.

بارقة أمل للشركات المحليّة

فيما يتعلّق بآثارها على المنطقة العربية، من الواضح أنّ أغلب هذه الأموال سوف يُستثمَر في أسواق الولايات المتحدة والصين والهند، وما بقي منها سيذهب إلى أسواق ثانويّةٍ كبرى مثل أوروبا.

في أفضل الحالات، سوف تذهب 10% من هذه الأموال إلى عمليّات "أوبر" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبالرغم من أنّ 350 مليون دولار تبدو كاحتياطيٍّ كبير، أعتقد أنّه يمكن لمنافس لديه 100 مليون دولار أن يغلبها شرط أن يتمّتع بعزم شديد واستراتيجيّات خلاّقة – وأغلب الناس يتوافقون على أنّ "كريم" Careem، منافس "أوبر" الأساسي في المنطقة، يتمتّع بهذه الصفات. كما أنّ جمع 100 مليون دولار ليس مستحيلاً لهذه الشركة الناشئة التي جمعت 60 مليون دولار في آخر جولة استثمار لها، نظراً إلى أنّ معدّلات نموّها مرتفعة على الصعيد المحلّي.

تواجه الشركتان تحدّياتٍ كبيرةً في المنطقة العربية لا يمكن حلّها بصرف الأموال في أمور التسويق أو الحسومات أو بزيادة عدد السيّارات. ففي بادئ الأمر، لا يمكن لأي منهما أن تقدّم توقيتاً دقيقاً لوصول سيّاراتهم، كما أنّ تكليف السيارات يبدو أحياناً عشوائياً؛ وفضلاً عن ذلك، كلاهما لا يغوصان بعد في أسس نقل الركّاب.

من جهةٍ أخرى، تحتاج الشركتان للاحتفاظ بعملائهما (من الركّاب أو السائقين) فيما تذهب لإيجاد وضمّ عملاء جدد. بالفعل، في نموذج العمل هذا، السائقون هم عملاء أيضاً ويجب اكتسابهم والمحافظة على تفاعلهم وحماستهم والسعي إلى الاحتفاظ بهم.

لا يمكنّ تخطّي هذه التحديّات إلا بالمقاربات الابتكارية الخلّاقة والفهم الدقيق للثقافة المحليّة والظروف في كلّ سوق، وحتّى أنّها تتطلب ذكاءً اجتماعيّاً عمليّاً عوضاً عن الذكاء الإداري أو التكنولوجيّ.

للمال حدود

بالنسبة لـ"أوبر"، قد تكون هذه الجولة آخر جولة استثمار خاصّ قبل أن تنتقل إلي الاكتتاب العام. لذلك، تقوم "أوبر" بمحاولاتها الأخيرة هذه معتقدةً أنّ الأموال هي الحلّ.

ولكن فيما تفعل بذلك، عليها أن تكون ذكيةً لناحية استثمار مواردها حيث يهمّ ذلك أكثر، ما قد يعني خروجها من بعض الأسواق من أجل تحسين وإصلاح ميزانيتها العمومية.

لذلك لا يجب أن نيأس، فهذا الاستثمار جيّد لمنطقة الشرق الوسط وشمال أفريقيا لأنّ تداول أموال أكثر مفيد دائماً للشركات الناشئة.

ملاحظة: "أرزان فينتشر كابيتال" Arzan VC قد استثمرت في "كريم".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.