English

شركة ناشئة فلسطينيّة تستخدم شاشات اللمس لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد

English

شركة ناشئة فلسطينيّة تستخدم شاشات اللمس لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد

الألوان والأضواء والموسيقى، وكلّ عوامل البيئة التفاعليّة التي أوجدتها شركة "أيرس" IRIS في "الغرفة الحسية" sensory room تساعد على إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الكرب stress disorders. (الصورة من "سنسوري يوكس" Sensory Box)

بعد إتمام مشروع التخرّج من الجامعة الذي يحوّل أيّ سطحٍ شفّاف إلى شاشةٍ تفاعليّة، تنبّه المهندسون الثلاثة من الضفة الغربيّة إلى أنّ مشروعهم يمكنه المساعدة في إعادة تأهيل الأطفال الذين يعانون من اضطراباتٍ مرتبطة بالتوتّر.

أطلق أعضاء هذا الفريق "أيرس سولوشنز" IRIS Solutions عام 2012، مستعينين بمبلغ ـ15 ألف دولار من مالهم الخاص، بهدف تأمين تكنولوجيا الغمر immersive technology التي تجمع بين العالم الحسّي والعالم الرقمي اعتماداً على الشاشات التفاعلية.

وفيما كان يعمل الفريق على مجموعة من المشاريع التكنولوجيّة المتنوّعة، منها في مجال الصحّة ومنها في مجال التسويق، تقدّمت المنظمة البريطانية-الفلسطينية "مؤسّسة العون الطبي للفلسطينيين" Medical Aid for Palestiniansإلى "أيرس" بعرضٍ غيَّرَ توجّه هذه الشركة، بحيث طلبت المنظّمة من الشركة الناشئة بناء أوّل‘غرفة حسيّة‘ في فلسطين.

ما هي الغرف الحسّية؟

هذه الغرف عبارة عن أماكن تساعد على تشغيل الحواس باستخدام الأضواء والموسيقى والأغراض، بهدف معالجة الأطفال والراشدين المصابين بإعاقات واضطرابات.  فالبيئة الآمنة التي توفّرها، تسمح للأطفال والراشدين أن يركّزوا بشكلٍ أفضل ويتفاعلوا مع بعضهم البعض ويطوّروا قدراتهم اللغويّة والحركيّة.

وعن هذا الأمر، يقول الشريك المؤسّس لـ"أيرس سوليوشنز"، أيمن العرندي: "لقد وصلتنا تعليقات جيّدة من المتخصّصين والأطفال والأمهّات، فوجدناها فرصة مناسبة [لمتابعة هذا المشروع] مع المحافظة على الجودة العالية واحترام حاجات المستخدم."

بعد هذا النجاح الأوّلي، قام الفريق بتركيب 15 غرفة حسيّة في الضفة الغربية وغزّة، موفّرين بذلك خدماتهم لأكثر من 5 آلاف طفل يعانون من اضطراباتٍ مختلفة تتعلّق بالنموّ والتوتّر، بخاصّةٍ مرض التوحّد واضطرابات الكرب ما بعد الصدمة التي تعود إلى عدم الاستقرار في المنطقة.

ولكن رغم التعليقات الجيدة التي حصل عليها المنتَج إلّا أنّه لم يكن زهيد الثمن، فكلّ غرفةٍ حسيّة تكلّف ما بين 20 و25 ألف دولار.

نتيجةً لذلك، بدأ الفريق يبحث عن أساليب لتخفيض الكلفة وإنشاء منتَجٍ أصغر حجماً. ومع العلم بأنّ البرمجية التي كانوا يطوّرونها تتمتّع بقيمة كبيرة، طلب فريق "أيرس" مساعدة أخصّائيين في علم النفس اضطرابات السلوك من شتى أنحاء العالم بغية تطوير المضمون، بينما يعمل الفريق على بناء نموذجٍ أولّي للصندوق الحسّي "سنسوري بوكس" Sensory Box.

واجهة الصندوق الحسّي بسيطة وسهلة الاستخدام.

وبالفعل، لقد أثمرت جهودهم مع الصندوق الحسّي "سنسوري بوكس".  

المنتَج بسيط رغم وظائفه المعقّدة؛ فعمل المستخدِم يقتصر على استبدال المصابيح العادية بمصباح "أيرس" وتركيب مفتاح إلكتروني على تلفازه. وحين يتمّ تشغيله، يمكن للطفل أن يتحكّم بجوّ الغرفة من الأصوات إلى حدّة الضوء ولونه، عبر تطبيقٍ على جهازه اللوحي. وهذا الصندوق الحسّي، يطمح الفريق إلى بيعه بمبلغ 4500 دولار، أي ما يساوي أقلّ من ربع كلفة الغرفة الحسيّة.

في هذا الإطار، يقول العرندي إنّ "[الصندوق الحسّي] ‘سنسوري بوكس‘ يشكّل طريقةً مبتكرة وميسورة التكلفة لتأمين مناخٍ آمن لإعادة تأهيل الأطفال الذين يعانون من اضطرابات الكرب أو النموّ، سواء كانوا في مراكز التأهيل أو في المنازل."

ويضيف أنّه "من خلال السيطرة على الضوء والأصوات والألعاب التفاعلية، يؤمّن الصندوق الحسّي مكاناً هادئاً مستقّراً يمكن للطفل فيه أن يتواصل مع الآخرين بسهولة أكبر"، موضحاً أنّ الفريق حصل مؤخّراً على براءة اختراع مؤقتة لهذه التكنولوجيا من الولايات المتحدة.

البحث عن المستثمرين

تحقق شركة "أيرس" النجاح على عدّة أصعدة، فهي بعد أن جنت حوالي مليون دولار من الإيرادات (60% من إيراداتها تأتي من الخدمات المختلفة التي تقدّمها لزبائنها، و40% منها تأتي من الخدمة المتعلّقة بالتكنولوجيا الحسيّة)، تبحث الآن عن مستثمرين لمساعدتها على التوسّع.

وعن هذا الأمر، يقول العرندي: "لقد استثمرنا أكثر من 300 ألف دولار وسنتَين من الأبحاث في تطوير جهاز محمول ميسور التكلفة يوفّر مناخاً حسيّاً؛ والآن، نبحث عن مستثمرين لمساعدتنا على نشر الصندوق الحسّي إقليميّاً."

في حين يطمح أعضاء إلى جمع من 750 ألف دولار إلى مليون ونصف مليون دولار، يعتقدون بأنّ أسواقهم الأساسيّة ستكون في فلسطين والأردن والإمارات والسعودية.

"لقد زرنا هذه البلدان وقصدنا مراكز التأهيل الكبرى فيها لنعرض الصندوق الحسّي عليها، على أمل أن يستعين به أطفال العائلات التي تتعامل مع هذه المراكز، ممّا قد يشكّل نموذجاً لحقوق الملكيّة،" بحسب العرندي.

في الوقت الحالي، يبحث الفريق عن شركاء مناسبين لمساعدتهم على تطوير الصندوق الحسّي "سنسوري بوكس" على صعيدٍ إقليميّ في المرحلة الأولى، وعلى صعيدٍ دوليٍّ لاحقاً. كما يطمح للعمل مع مستثمرين دوليين لمساعدتهم على دخول السوق الأميركي.

فريق "آيرس" (من اليسار إلى اليمين): غابرييل ترفيديت، المشرفة على التقنيات؛ محمد النعنيش، مدير العمليات؛ أيمن العرندي، المدير ومصمم المنتَج؛ جورج حنوني، مدير قسم التطوير؛ سماح كتيفان، مطوّرة منصّات.

نقل العمليّات إلى الأردن

بالرغم من كلّ نجاحاتهم، يواجه فريق "آيرس" صعوباٍت كثيرة بسبب موقعهم الجغرافي. فعلى سبيل المثال، تقوم جمارك الاحتلال "الإسرائيلي" بإيقاف المعدّات التي يستوردونها لبناء منتَجاتهم لأشهر طويلة.

وفي هذا الشأن يفيد العرندي بأنّ "الأمر يشبه الكابوس؛ فأحياناً، ندفع الكلفة والضرائب على البضائع ولا نعلم من أين تأتي،" مضيفاً أنّه "في بعض الأحيان لا تصلنا البضائع، [وذلك حصل] في إحدى السنوات حيث اشترينا ثلاثة أجهزة عرض وبقيَت على المرفأ لستة أشهر."

وبالتالي، من أجل تجنّب هذه القيود سيباشر الفريق بفتح مكتب له في الأردن في المستقبل القريب.

ولكن لماذا لم يغادر العرندي وفريقه الأراضي الفلسطينية من قبل؟ يجيب بأنّ السبب يعود إلى "ردّ الجميل لمجتمعنا وبلدنا، فالتطوّر الاقتصادي يشكّل جزءاً من محاربة الاحتلال. والفرص موجودة في كلّ مكان، حتّى في فلسطين أيضاً."

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.