من تركيا إلى السعودية: مسيرة 'دورلي' مع التطبيقات السياحية
نشأ الريادي محمد بدوي في السعودية حيث أطلق تطبيقات عدة، ولكنه بعد أن انتقل إلى تركيا في العام 2014 ليستهدف منها السوق السعودية والخليجية، قرر العودة مجدداً إلى السعودية بتطبيقات تستهدف القطاع السياحي. وأبرز هذه التطبيقات كان "فلة الرياض" الذي أطلقه قبل خمسة أشهر.
انتقل بدوي إلى تركيا "بحثاً عن فرص جديدة للاستثمار ولأنّ البيئة الاقتصادية في إسطنبول مهيأة للأعمال"، كما يقول لـ"ومضة".
أسّس هناك شركة "دورلي" Dawerly، وهي شركة تركية مسجلة يملكها بالكامل. وبالتالي، يبدو أنّ تسهيلات المُلكية هي أبرز ما دفع بدوي إلى اختيار تركيا، وهو أمر واضح في تدوينة ركّز فيها على سهولة إنشاء شركة لغير الأتراك مع إمكانية تملّكها بنسبة 100%، وسهولة تملك العقارات بنسبة 100%.
مغادرة ثم عودة
قبل الذهاب إلى تركيا، أسّس بدوي في أواخر العام 2013 استديو "لذيذة" Lzeeza لإنتاج المحتوى المرئي وتطوير التطبيقات، وفي تشرين الأوّل/أكتوبر من العام نفسه تطبيق "إسمعلي" esm3ly للمحتوى الصوتي.
أدرك بدوي أهمية القطاع السياحي المتنامي في المنطقة، لذلك أطلقت شركته "دورلي"، من تركيا، تطبيقات مثل "دليل اسطنبول" Istanbul Directory في كانون الأول/ديسمبر 2015.
ثمّ عاد ليركّز على السعودية وتحديداً القطاع السياحي الذي تبلغ قيمته 85.5 مليار ريال سعودي (22.8 مليار دولار أميركي، فأطلق "دليل المدينة المنورة" Almadinah directory بالتعاون مع "هيئة تطوير المدينة المنورة" MDA في أيار/مايو 2016.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2016، أطلقت "دورلي" تطبيق "فلة الرياض" لتعريف ساكنيها وزوارها على معالمها السياحية وأماكن الترفيه فيها من خلال دليل السياحي، ولأنّ الرياض أكبر مدينة في المملكة من حيث عدد السكان (8 ملايين نسمة) وفقاً للمؤسّس.
نمو متسارع في أقل من 6 أشهر
حصل تطبيق "فلة الرياض" بحسب بدوي على نحو 70 ألف تنزيل بمعدل ألف مستخدم نشط يومياً، بعد أربعة أشهر فقط على إطلاقه، وشهد نمواً في عدد المستخدمين "وصل إلى 100% خلال الفترة الماضية".
وبالتالي، كانت النتائج كفيلة لتشجيع مستثمرين أفراد على الاستحواذ على 20% من ملكية "فلة الرياض" مقابل مبلغ يتحفّظ بدوي عن التصريح به، لكنّه ويوضح أنّه "سيُستخدم لتغطية التكاليف التشغيلية للمشروع خلال العام 2017 حتى تحقيق الأهداف المرسومة"، في إشارة إلى تركيز الشركة على تحسين نموذج العمل قبل التوسّع. كما يضيف أنّهم على مشارف "الإعلان عن جولة استثمارية أولى Series A في القريب العاجل".
في غضون ذلك، يسعى بدوي للوصول إلى مليون مستخدم نشط لتطبيق "فلة الرياض" خلال العام الجاري، مع التركيز "على دراسة حاجات المستخدمين وتحسين تجربتهم، لنتمكّن من إنشاء قناة تسويقية تسهّل على الشركات وأصحاب الأعمال الترويج لمنتجاتهم وخدماتهم".
تطبيق أساسي ثم تطبيقات مخصصة لكل مدينة
تطوّر "دورلي" تطبيقات الأدلة بحيث تحمل جميعها الكود الأساسي codebase في البداية، ولكنها تصبح مستقلة ومخصّصة عند استهداف التطبيق لمدينة معينة.
يقول بدوي إنّ "التطبيقات جميعها مشتركة في الأساس، قبل أن يبحر كلّ واحد منها في اتجاهات مختلفة بما يتناسب مع السوق التي يستهدفها التطبيق ونموذج العمل المرسوم له".
ويشرح في حديثه لـ"ومضة" أنّهم لم يضمّوا جميع المدن في تطبيق واحد، "بل قسمناها بحيث يكون لكلّ مدينة تطبيقها الخاص لكي نحتويها بفاعلية أكبر ونركّز على نشر محتوى كامل يشمل جميع أجزائها".
لهذا يركّز تطبيق "فلة الرياض" على استهداف السائح والمقيم في الرياض، فيما ستركّز تطبيقات أخرى مثل "دليل المدينة المنورة" و"دليل مكة المكرمة" على الحجاج والمعتمرين، وتطبيق "دليل قطر" على كأس العالم 2022.
يُضاف المحتوى إلى التطبيقات على شقين يعتمد أحدهما على المستخدمين لاقتراح أماكن موجودة ومشاركة صورها، أو إضافة توصيفات للأماكن التي يمتلكونها كالمطاعم والمقاهي والمحلات وغيرها وربطها بحساباتهم كي يتمكنوا من تحريرها.
أمّا الشق الآخر فيعتمد على استخدام البيانات المتاحة في الأدلة السياحية الأخرى مثل "فورسكوير" Foursquare، وبيانات "جوجل" Google و"أماكن فايسبوك" Facebook Places. يتبع ذلك زيارة ميدانية للأماكن المضافة من قبل مندوب الشركة في المنطقة للتأكّد من البيانات وجمع المزيد منها.
يساهم هذا في جعل "فلة الرياض" "بديلاً محلياً للتطبيقات العالمية كونه يعرف المنطقة ويفهم احتياجات المستخدمين والشركات فيها أكثر من غيره"، وفقاً لبدوي الذي يشير إلى الفارق بين تجربتي "كريم" Careem و"أوبر" Uber في المنطقة العربية.
ويتألف فريق العمل في "دورلي" من 25 موظّفاً من مطوّرين وإداريين ومديري محتوى. يعمل 5 منهم بدوام كامل من فلسطين، بالإضافة إلى موظّف واحد في كلّ مدينة توسّعوا إليها، فيما "يقوم الفريق بإضافة وفحص المحتوى الذي ينشر على جميع التطبيقات المستضافة على خوادم خاصة بشركة 'دورلي'".
مصادر إيرادات متنوعة
طوّر الفريق خوارزمية لإظهار العروض والإعلانات للمستخدمين حسب اهتماماتهم، وطريقة لتحقيق الربح منها عبر تقاضي عمولة من المحلات والمطاعم والمقاهي الشريكة. ويشرح بدوي أنّ "المستخدم إذا كان معتاداً على البحث عن المقاهي على سبيل المثال، سيعرض التطبيق عليه كوبونات خصومات لمقاهي معينة محيطة به".
كذلك وقّع "فلة الرياض" شراكات مع "أوبر" و"كريم" و"هوتيلز كومبايند" HotelsCombined، بحيث يحصل على عمولة من كلّ عملية بيع أو حجز تذاكر تتم من خلاله. وهذه الشراكات، بحسب بدوي، تهدف أيضاً إلى "تعزيز الخدمات التي نوفرها في تطبيقنا، مع خلق مساحة لتبادل بيانات سلوكيات المستخدمين فيما بيننا".
يبدو أنّ بدوي عاد إلى السعودية ليستفيد من البيئة الريادية المتنامية، فهل تنجح تطبيقاته التي تركز على مدن مختلفة؟