عربي

'إنجاز' توجّه الشركات الناشئة في مصر نحو التمويل الجماعي

English

'إنجاز' توجّه الشركات الناشئة في مصر نحو التمويل الجماعي

لا يخفى على أحد أنّ الشركات الناشئة في مصر تعاني من أزمة تمويل، وهذا ما يدفع روّاد الأعمال إلى وضع أنفسهم في مواقف خطرة مثل التخلّي عن الأسهم من أجل التوظيف، حسبما ظهر جلياً في فعالية "ميكس أن منتور" Mix N’Mentor الأخيرة في القاهرة.

في المقابل، يساعد التمويل الجماعي المشاريع على تجربة السوق، والبروز، والمرور في فترةٍ مكثّفةٍ من التجارب العملية، والحصول على المال النقدي، وذلك من دون بيع أيّ سهمٍ قبل أن تصبح الشركة جاهزةً لذلك.

ولعلّ هذا ما يفسّر إلى حدٍّ ما اختيار الشركتَين الناشئتَين، "إيبيك في آر" EpicVr  و"إطبعلي ثري دي" Etba3ly 3D، اللتَين تخرّجتا من مسابقة "إنجاز" Injaz الريادية لعام 2015، التوجّه نحو التمويل الجماعي من أجل الانطلاق.

Etba3ly 3D

الشريكان المؤسِّسان لـ"إطبعلي ثري دي"، أحمد محسن ومحمد الحصري. (الصور لـ رايتشل وليامسون)

من المقرّر أن تنطلق "إطبعلي ثري دي" في الأوّل من شهر نيسان/أبريل المقبل، ويقول الشريك المؤسِّس محمد الحصري إنّ هذا يعني أنّه ليس بالإمكان بعد تقدير قيمة شركتهم التي تقدّم خدمات طباعة ثلاثية الأبعاد، وأنّ بيع الأسهم لن يكون "تفكيراً سليماً".

أمّا الشريك المؤسِّس لـ"إيبيك في آر"، أحمد عاطف صالح، فقد تقدّم للمشاركة في مسابقة "إنجاز" لأنّها تؤمّن التدريب والتمويل التأسيسي من دون أن تطلب حصصاً أو أسهماً في الشركة، على عكس غيرها من حاضنات الأعمال الخاصّة.

على سبيل المثال، تقوم "فلات6لابز" Flat6Labs Cairo في مصر بتأمين تمويلٍ تأسيسيّ يتراوح من 10 إلى 15 ألف دولار وثلاثة أشهر من الاحتضان، مقابل 10 إلى 15 بالمئة من الأسهم. وبدورها تقوم "جوس لابز" JuiceLabs بدفع ما يصل إلى 50 ألف دولار واحتضان الأعمال لستّة أشهر، وذلك مقابل 10 إلى 20 بالمئة من الأسهم. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ "أويسيس500" Oasis500 في الأردن تأخذ حصّةً من 5 إلى 15 بالمئة من الشركة مقابل تمويلٍ تأسيسيّ يتراوح بين 30 إلى 50 ألف دولار أميركي.

وبالعودة إلى الشركتَين الناشئتَين "إيبيك في آر" و"إطبعلي ثري دي"، فحتّى كتابة هذا المقال، حصلت الأولى على 106% من هدفها، أي 1,905 دولارات؛ والثانية على 28%، أي 360 دولاراً.

التعلّم من الجمهور

هذه هي المرّة الأولى التي تُدرِج فيها "إنجاز" جانب التمويل الجماعي ضمن مسابقتها، وهو بالرغم من ذلك ليس إلزامياً لجميع المتسابقين.

وتقول شيرين عبد السلام، مديرة المشاريع في "إنجاز"، إنّ "التأثير كان هائلاً، فلقد سمحَت الحملة للشركات الناشئة بأن يفكّروا بعمقٍ أكثر في أسواقهم المستهدَفة وحاجات عملائهم."

أمّا المسابقة نفسها، فقد انطلقت منذ تشرين الأول/أكتوبر 2015 حيث تمّ استقبال الطلبات، وتستمرّ إلى 17 نيسان/أبريل. وبحسب عبد السلام، تمّ قبول 100 من بين 522 فريقاً تقدّموا إلى المسابقة، وستحصل الفرق السبعة إلى العشرة الفائزة على تمويل تأسيسيّ يتراوح بين 5,630 و13,500 دولار بالإضافة إلى ستّة أشهر من الاحتضان في "إنجاز" تشمل مساحةً مكتبية وإرشاداً وخدماتٍ مهنية.

وفي هذه المرحلة من المسابقة، يوجد 30 شركةً ناشئةً اختارَت منها 13 شركةً التمويل الجماعيّ، بما فيها شركة "فون كي" PhoneKey لإنترنت الأشياء، وشركة الواقع الافتراضي للتصميم الداخلي "روم بوكس" RoomBox، وشركة إعادة تدوير الإطارات "ري تايرز" ReTyres، بالإضافة إلى شركة التدريب على الإتيكيت "إي إيه إم" EAM.

انطلقت حملات التمويل الجماعي منذ 21 شباط/فبراير وتستمرّ حتّى 31 آذار/مارس، فيما تستضيفها منصّة "تنرا" Tennra المصرية التي كانت من بين الفائزين في العام الماضي.

Tennra

مؤسِّسا "تنرا"، محمد عز الدين وإميلي ريني.

تقول الشريكة المؤسِّسة لـ"تنرا"، إميلي ريني: "ذهبنا إلى [’تنرا‘ بعد وقتٍ قصيرٍ على إطلاقها] وقلنا نريد أن نكون شركاء معكم، وقالوا حسناً، ولكنّنا نعتقد أنّ المسابقة ستناسبكم أيضاً."

وبالنسبة إلى "تنرا"، فهي تميّز نفسها عن منصّة التمويل الجماعي اللبنانية "ذومال" Zoomal وغيرها من المواقع الإلكترونية العالمية مثل "كيكستارتر" Kickstarter و"جو فاند مي" GoFundME أو "إندي جو جو" Indiegogo، من خلال الاعتماد على الألعاب للمساعدة في تثقيف المصريين حول مفهوم التمويل الجماعي، فضلاً عن اعتمادها بعض الحيل لزيادة التعهّدات المالية. وتحقّق هذه المنصّة إيراداتها عبر الحصول على نسبةٍ صغيرةٍ من مجموع الهدف المالي. أمّا في المفهوم التقليدي الذي تعتمده "كيكستارتر"، فإنّ المشاريع تحصل على التمويل فقط إذا وصلت إلى تحقيق هدفها الماليّ.

بعدما أطلق الشريكان المؤسِّسان محمد عز الدين وإميلي ريني موقع "تنرا" في شباط/فبراير من العام الماضي، يقولان إنّ هذه الدفعة من الشركات الناشئة التي بلغ عددها 13 شركة هي العدد الأكبر من المشاريع التي يستضيفونها على الأرض حتى الآن، ما شكّل بعض التحدّيات المتعلّقة بالواجهة الخلفية backend لبرمجيّتهم.

مشاكل التمويل الجماعي

يقدّم التمويل الجماعيّ للشركات الناشئة فرصة التحقّق من صحّة منتَجاتها علناً في الأسواق المستهدَفة، وهو عاملٌ مهمٌّ بالنسبة لأولئك الذين يريدون بيع المنتَجات لشارين محتملين لا يعلمون الكثير عنها.

على سبيل المثال، في حين كان من السهل فهم ألعاب الواقع الافتراضي التي تقدّمها "إيبيك ثري دي"، فإنّ خدمات الطباعة الثلاثية الأبعاد التي تقدّمها "إطبعلي ثري دي" لم تكن كذلك. ونتيجة لهذا، عانَت الحملة الأخيرة من بعض الصعوبات في الوقت الذي توجّب فيه على الشريكين المؤسِّسين أحمد محسن والحصري أن يلعبا دوراً آخر في تعريف المصريين بهذا المفهوم الجديد.

يقول الحصري إنّ عملاءهم المحتملين لم يكونوا يعرفون ما الذي يريدون القيام بطبعه، لذلك قدّمت شركتهم بعض المنتَجات المطبوعة ثلاثية الأبعاد مثل أغطية الهواتف كـ’جائزة‘ بدلاً من الخدمة نفسها، خلال حملة التمويل. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الكثير من المستخدِمين لم يفهموا أنّ أموالهم التي يضعونها هي كتعهّدات ولا يتمّ دفعها قبل تمويل المشروع بالكامل وانتهاء فترة الحملة.

وصل الفريق إلى الفكرة وراء "إطبعلي ثري دي" عندما كان محسن يدرس الماجستير في تصميم العمليات الحاسوبية في ألمانيا، ثمّ أدرك مدى ارتفاع تكاليف خدمات الطباعة ثلاثية الأبعاد بالمقارنة مع سعر الآلة الطابعة.

ففي مصر تتراوح الأسعار من 5 جنيهاتٍ مصرية (0,56 دولار أميركي) للجرام الواحد كثمنٍ للمواد التي تختلف بحسب الآلة وعادةً ما تكون من البلاستيك، لأولئك الذين تدربوا في كيفية تشغيل الطابعات ثلاثية الأبعاد، وصولاً إلى 30 جنيهاً مصرياً (3,38 دولارات أميركية) للجرام الواحد مقابل خدمة الطباعة الكاملة؛ وبالتالي، يخطّط محسن والحصري أن تبدأ تكاليف خدمتهما من 10 جنيهاتٍ مصرية (1,13 دولار أميركي) للجرام الواحد.

تمتلك "إطبعلي ثري دي" طابعةً واحدةً في مصر واثنتَين عالقتَين في ألمانيا ريثما تنتهي الشركة من إتمام العدد الكبير من المعاملات والمستندات المطلوبة لاستيراد طابعاتٍ ثلاثية الأبعاد إلى مصر. والتمويل الجديد الذي يسعون إليه عبر المنصّة، سيساعدهم على دفع تكاليف هذه الأوراق والحصول على مزيدٍ من الطابعات.

الواقع الافتراضي

لدى "إيبيك في آر" نماذج أوّلية للعبتَي حركة تعتمدان تكنولوجيا الواقع الافتراضي، هما "زومبي" Zombie (الفيديو أعلاه) و"إيفيل بيرز" Evil Bears، كما صمّمَت الشركة "محرّك تتبّع" tracking engine باستخدام أجهزة استشعارٍ بصرية يسمح للّاعبين أن يكونوا على بيّنةٍ من أماكنهم في مساحة 25 متراً مربّعاً.

ويقول صالح إن الواقع المختلط mixed reality (بين الواقع الحقيقي والواقع الافتراضي) سيكون هو ما يميّز الشركة، بحيث أنّ البرنامج يمكنه التعرّف على الأشياء المادية في المحيط ويدمجها في اللعبة.

يعتبَر مفهوم ألعاب الواقع الافتراضي بحدّ ذاته جديداً من نوعه في مصر. وعليه، فإنّ عملاء "إيبيك في آر" يتألّفون بمعظمهم من الشركات مثل مراكز التسوّق التي تريد بناء أو دمج مساحةٍ كبيرة لألعاب الواقع الافتراضي ضمن الخدمات التي تقدّمها.

 من جهةٍ أخرى، تقوم بعض الشركات بمثل هذه الأعمال ولكن على صعيدٍ أصغر، مثل "الكتّاب" Alkottab التي بدأت بالفعل مع أكشاكٍ مخصّصةٍ لألعاب الواقع الافتراضي في مركز تسوّق في القاهرة، و"إسكايب إتش دي" EscapeHD التي تستهدف المستهلِكين الأفراد بجهازٍ رخيصٍ للواقع الافتراضي.

وبالعنودة إلى "إيبيك في آر"، فإنّ حملة التمويل الجماعي على "تنرا" ستساعدهم على شراء المزيد من الأجهزة لإطلاق أعمالهم في عالم الألعاب، كما ستساعدهم على جذب شريكٍ هو شركة تطوير الألعاب المصرية "5دي" 5D للمساعدة في عملية التوزيع.

Thank you

Please check your email to confirm your subscription.