English

'إنستاباغ' والبيئة الحاضنة لريادة الأعمال

English

'إنستاباغ' والبيئة الحاضنة لريادة الأعمال

Instabug

يجب على "إنستاباغ" شكر البيئة الريادية المتماسكة في مصر والتي ساهمَت في نجاحها بشكلٍ كبير. (الصورة من "إنستاباغ")

سبق ونُشر هذا الموضوع على صفحة مؤسِّس "رايز أب ساميت" Rise Up Summit، كون أودونيل، وهذه نسخةٌ مترجمة منه، معدّلة ومحرّرة.

شركة "إنستاباغ" Instabug الكائنة في ديلاوير والتي أسّسها فريقٌ مصريّ، أعلنَت للتوّ عن حصولها على استثمارٍ بقيمة 1.7 مليون دولار أميركي.

جاء أغلب المبلغ من شركة الاستثمار المخاطر الأميركية "أكسل" Accel، فيما حصلت على الباقي من مستثمرين أفراد مرتبطين بـ"إنستاباغ" أو مؤمنين بها.

ولكن كيف حصل هذا؟

مَن يعرفني منكم، يعرف أنّني أؤمن بكلٍّ من الشركات الناشئة وما نسمّيه البيئة الحاضنة: البيئة التي يمكن أن تساعد الشركات الناشئة بالتمويل، والمعرفة التقنية والتجارية، واكتساب المواهب، والبروز في وسائل الإعلام وأمام العملاء، ومجموعةٍ من الأشياء الأخرى التي يمكن أن تزيد من فرص الشركة الناشئة وجعلها تتخطّى جميع العقبات، والحواجز، والتحدّيات التي تواجه عملاً تجارياً متنامياً وناجحاً.

مَن يعرفني منكم، يعرف جيّداً أنّني أؤمن بأنّ الأشخاص الذين ولدوا مميّزين لا يحتاجون إلى بيئةٍ حاضنة، أو بالأحرى، وُلدوا غالباً في بيئةٍ حاضنةٍ جاهزةٍ تساهم في حصولهم على التمويل، والالتحاق بأفضل الجامعات، والوصول إلى شبكاتٍ هائلة، وغيرها من الأمور.

البيئة الحاضنة لريادة الأعمال موجودة

Rise Up

في القاهرة لدينا بيئةٌ حاضنة.

("رايز أب ساميت" في عام 2013، إلى اليسار، الصورة من "ومضة")

هذه البيئة الحاضنة جديدةٌ نسبيّاً، وكانت في كثيرٍ من الأحيان فوضويةً وغير فعّالة، ولكنهّا موجودة، وتعمل، وهي الآن متّصلةٌ بالمنطقة والعالم. إنّها ليست وادي السيليكون، أو برلين أو لندن. وهي حتّى الآن لا تمتلك المستوى نفسه من الموارد (وبالتأكيد ليس محلياً)، لكنّها تعمل.

وأفضل ما يمثّل البيئة الريادية في القاهرة/منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هو أخبار حصول "إنستاباغ" على استثمارٍ بقيمة 1.7 مليون دولار لتنمية أعمالهم وتطويرها.

فكرة ورؤية

سوف أعود قليلاً إلى الوراء وأُظهِر كيف قام شاباّن مهوبان يمتلكان فكرةً ورؤيةً بالاستفادة من البيئة الحاضنة لزيادة فرصهما في تحقيق رؤيتهما.

أبدأ القصّة عندما التقيتُ بهما للمرّة الأولى في "فلات6لابز" Flat6Labs القاهرة، في عام 2012.

في ذلك الوقت، كانت "فلات6لابز" نفسها قد انطلقَت للتوّ، حيث قام هذان الشابّان اللذان كانا يطلِقان على عملهما اسم "إيه*آبس" A*Apps (مع خطّةٍ طموحةٍ لإنشاء عدّة تطبيقاتٍ للمطوّرين) بعرض فكرة تطبيقهما للإبلاغ عن الأخطاء. كان معتز سليمان عندها الرئيس التنفيذيّ - وأكثر من ذلك بقليل.

كنتُ من بين الجمهور الذي كان يقول بينه وبين نفسه "واو!"، هذا رائع، وهذا الشاب اليافع واثقٌ بنفسه كثيراً. كيف لا، وانا الذي كنتُ أنشئ الكثير من تطبيقات الإبلاغ عن المشاكل في شركتي القديمة، وبالتالي أعرف جيّداً أنّهما ماضيان في إيجاد حلٍّ لمشكلةٍ مألوفةٍ لديّ.

في المحصّلة، منحَت "فلات6لابز" الشابّين مبلغاً صغيراً كتمويلٍ تأسيسيّ من أجل بناء النموذج الأوّلي، وقامَت بربطهما بأشخاصٍ مثلي وبمرشدين كبار مثل عمرو شادي من شركة الاتصالات "تا تيليكوم" TA Telecom. وعلى مرّ الأشهر التالية، قام الثنائيّ بتحسين الفكرة، وبناء النموذج الأوّلي، وتحسين بعض المهارات لديهما، وبناء حجّةٍ مقنعةٍ للمستثمرين، وتوظيف الفريق الأوّل، والحصول على بعض الاهتمام.

كانَت "فلات6لابز" بمثابة الحافز الذي أوصلهما إلى البيئة الحاضنة الناشئة. وفي يوم العروض Demo Day في ذلك الصيف، أظهر الشابّان نفسَيهما، وكذلك منتَجهما والفرص التي يمتلكانها واستعدادهما لدخول السوق الأميركية، بصورةٍ أفضل بكثير.

الاستفادة من الفرص

Instabug

يكمن الجزء الثاني من القصّة في كيفية اقتناصهما للفرصة الكامنة في مسابقة "معهد ماساشوستس لريادة الأعمال في المنطقة العربية" MIT Pan-Arab startup competition، من أجل الوصول إلى الولايات المتّحدة والفوز بـ50 ألف دولار كجائزةٍ نقدية، والحصول على بعض التغطية الإعلامية الجيدة.

("إنستاباغ" بعد الفوز، إلى اليسار، الصوة من "فلات6لابز")

إذاً، لقد صبّا كلّ جهودهما لضمان الفوز في المسابقة.

وفي الوقت عينه، وضعا نُصب أعينهما جميع مدوّنات التكنولوجيا ووسائل الإعلام التي تهتمّ بالتكنولوجيا وأصحاب التأثير في عالم المطوّرين، بحيث إذا فازا في المسابقة يمكنهما الاستفادة منهم للحصول على متبنّين أوائل للمنتَج ومشجّعين وجمهور.

كانت النتيجة أن فازا، ومن ثمّ قاما برحلةٍ إلى وادي السيلكون (حيث يوجد العملاء المستهدفون الأساسيون)، وأخبرا كلّ وسائل الإعلام ذات الصِّلة عن هذا الفوز وعن منتَجهما.

التحكّم بالمستثمِرين

في الوقت نفسه، حصلا على فرصةٍ لعرض الفكرة أمام "كايرو أنجلز"Cairo Angels، حيث كان ذلك أوّل مواجهةٍ حقيقيةٍ مع المستثمرين. وبعد العرض، بدا أنّ هناك حماسةً وتشكيكاً بنسبةٍ متساوية.

قامَت حجّة المشكّكين على أنّه من غير المرجّح أن يبني طفلان من مصر منتَجاً تكنولوجياً من شأنه أن يكون قادراً على الدخول إلى سوق التكنولوجيا/سوق المطوّرين في الولايات المتحدة والمنافسة أو الفوز.

أمّا أنا فقد كنتُ في صفّ المتحمّسين - لقد رأيتُ موهبةً ومرونةً وشغفاً وإمكانية؛ لذلك تطوّعتُ لقيادة الصفقة. كانت عمليةً طويلة، وفي منتصف الطريق تحوّلَتْ من استثمارٍ في الأسهم إلى سنداتٍ قابلةٍ للتحويل (لحسن الحظّ)، وتولّى عمرو جبر منصب الرئيس التنفيذيّ (الذي كما أعتقد أظهر نضجاً رائعاً كمؤسِّس).

تحقّق الاستثمار، وبات لدى "إنستاباغ" الآن الأموال التي تحتاجها لبناء منتَجٍ أفضل، وتوظيف أشخاصٍ أفضل، والبدء بالتسويق في سوق المطوّرين في الولايات المتحدة.

اللاعبون الذين يقفون وراء النجاح

حتّى الآن، كانت "إنستاباغ" قادرةً على الاستفادة من الشبكات، والتمويل، والمعرفة المكتسبة من البيئة الريادية المحلّية، وبفضل "منتدى معهد ماساشوستس للتكنولوجيا لريادة الأعمال" MITEF كانوا قادرين على الاستفادة من البيئة الريادية الأوسع في مجتمع التكنولوجيا/الاستثمار بين المغتربين العرب في الولايات المتحدة.

بالإضافة إلى ذلك، كان هناك جهاتٌ فاعلةٌ أخرى في البيئة الحاضنة استفادَت منهم "إنستاباغ" - مثل "ميرسي كور" مصر  MC Egypt التي ساعدت الشركة الناشئة في الحصول على مزيدٍ من الإرشاد وتأمين التمويل اللازم للرحلة [إلى الولايات المتّحدة]. وطوال الوقت، كانت "إنستاباغ" تستفيد من وسائل الإعلام في الفعاليات الإقليمية مثل "رايز أب" و"عرب نت" Arabnet، بالإضافة إلى المرشدين والمؤسّسات، من أجل مساعدتهم على تأسيس العلاقات.

كلّ نقاط الاتّصال هذه في البيئة الريادية الأوسع، بالإضافة إلى العلاقات التي أقاماها وعزّزاها، لعبَت بالتأكيد دوراً هامّاً في قبولهما ضمن مسرّعة الأعمال الخارقة والمموّل، "واي كومبينايتور" Y Combinator.

دعونا نلخّص دعم البيئة الحاضنة لـ"إنستاباغ": "فلات6لابز"، "منتدى معهد ماساشوستس للتكنولوجيا لريادة الأعمال"، "كايرو أنجلز"، "ميرسي كور" مصر، "رايز أب"، "ومضة"، "تك كرانش" Tech Crunch، "عرب نت"، بلاك بوكس" Black Box، "تك وادي" Tech Wadi، واي كومبينايتور"، "أكسل": هذه منظّماتٍ يتواصلان معها لأنّ البيئة الحاضنة للشركات الناشئة موجودة بالفعل. فوراء هذا، وإلى جانبه، هناك ربّما مئات من الأفراد الطموحين الذين يحاولون مساعدة شركةٍ ناشئةٍ للحصول على فرصة القيام بمثل هذا الأمر.

البيئة الحاضنة تعمل بشكلٍ جيّد

هل "إنستاباغ" ظاهرة لا تتكرّر؟ كلا. الكثير من الشركات الناشئة الأردنية واللبنانية سلكَت مساراً مشابهاً. ولكن ماذا عن مصر؟ "وظف" Wuzzuf، "إيفنتوس" Eventtus، "المنيوز" Elmenus، "الوفيات" El Wafeyat، جودز مارت" Goods Mart، "جو إجازة" Go Ejaza، "سولارايز" Solarize، "أجايل بيم" AgileBm، "نفهم" Nafham، "مام" Mumm، "إلفس آب" Elves App، إضافةً إلى غيرها من الشركات الناشئة كانت قادرةً على الاستفادة من البيئة الحاضنة.

وأفضل ما في تُظهِره قصّة "إنستاباغ" يتمثّل في أنّ بيئتنا الحاضنة تعمل، وفي أنّها الآن باتت متّصلةً بالمنطقة والعالم.

إذا أردنا أن نشاهد الآلاف من الشركات مثل "إنستاباغ" تخرج من المنطقة، ينبغي أن يكون لدينا بيئةٌ حاضنةٌ متّصلة وتعاونية.

أمّا بالنسبة إلى مَن يقول منكم إنّ البيئة الحاضنة لم تفعل شيئاً من أجله، أو أنّها غير موجودة... فعليه الالتفات إلى فشله وعدم إلقاء اللوم على الآخرين.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.